واصلت الإدارة الأميركية أمس، معارضتها للاتفاق الذي وقعته إسلام آباد مع مقاتلي حركة «طالبان - باكستان» في اقليم وادي سوات القبلي (شمال غرب)، فيما تعهدت الحركة نقل «جهادها» إلى مناطق داخلية جديدة وربما أفغانستان، «اذ إن الشريعة لا تسمح لنا بإلقاء السلاح في حال استمرت الحكومتان الباكستانية والأفغانية في اعتماد سياسة مناهضة للمسلمين». وأعلن البيت الأبيض أن الاتفاق الذي يتضمن تطبيق الشريعة في إقليم سوات (غرب باكستان)، يتعارض مع مبادئ الديموقراطية وحقوق الإنسان، في وقت أطلقت جماعات للدفاع عن حقوق المرأة في باكستان، يحظى بعضها بدعم غربي، حملة إعلامية وشعبية لمعارضة الاتفاق الذي صادق عليه البرلمان الاثنين، ب «اعتباره يمكن أن يحرم المرأة في سوات من حقها في التعليم والحماية القانونية». وابدى السناتور الأميركي جون كيري خلال زيارته لباكستان هذا الأسبوع، تشاؤمه من الاتفاق، مشككاً في احتمال نجاحه، «في ظل ازدياد التشدد في الشهور القليلة الماضية». اما أفغانستان فأعلنت قلقها من ان يضر الاتفاق مع جماعات «إرهابية» بأمنها، مطالبة إسلام آباد بأن تأخذ في الاعتبار قضية الأمن وآثاره الجانبية على العلاقات بين البلدين. (راجع ص 8) في المقابل، دافعت حكومة الإقليم الحدودي الشمالي الغربي عن الاتفاق الذي ابرمته في شباط (فبراير) الماضي مع مؤسس حركة «تطبيق الشريعة» في سوات الملا صوفي محمد. ودعا رئيسها اعظم هوتي كل الأطراف إلى تأييده والتزام بنوده «كونه يضمن حقن الدماء واستقرار الأمن ليس في الإقليم وحده بل في أنحاء باكستان». اما الملا صوفي فدعا إلى تنظيم مسيرة كبرى في سوات الأحد المقبل، لدعم الاتفاق وتأكيد الدعم الشعبي الكبير له. وفي تصريحه التلفزيوني الأول منذ اكثر من سنتين، أشاد قائد المسلحين في سوات الملا فضل الله بأهمية كسب الحكومة الباكستانية عقول سكان الإقليم وقلوبهم عبر تطبيق الأحكام الشرعية فيه، وقال إن «مقاتليه ينتظرون تطبيق الحكومة الاتفاق بالكامل كي يباشروا تسليم أسلحتهم». تزامن ذلك مع تأكيد مسلم خان، الناطق باسم «طالبان - باكستان» في سوات أن الحركة لن تلقي سلاحها في إطار الاتفاق، متعهداً نقل «جهاد» الحركة إلى مناطق جديدة، علماً ان مقاتليها خرجوا الأسبوع الماضي من وادي سوات إلى منطقة بونر التي تبعد مسافة مئة كيلومتر فقط من اسلام اباد. وأعلن خان أن مسلحي «طالبان» سيدخلون مناطق جديدة في باكستان ويمكن ان يتوجهوا إلى أفغانستان لمحاربة القوات الأجنبية فيها، «إذا طلبت طالبان أفغانستان مساعدتنا، لأن نجاهد في قضية واحدة». وفي مؤشر الى رغبة إسلام آباد في تحسين علاقاتها مع «طالبان»، أمرت المحكمة العليا بالإفراج بكفالة مادية عن الملا عبد العزيز، إمام «المسجد الأحمر» في إسلام أباد الذي اقتحمه الجيش في تموز (يوليو) 2007 لإنهاء سيطرة متطرفين مسلحين عليه، ما أدّى الى مقتل اكثر من مئة مسلح قالت السلطات حينها انهم علاقة تربطهم بحركة «طالبان- باكستان» في مناطق القبائل، قبل ان تتصاعد أعمال العنف في أنحاء باكستان نتيجة ذلك.