ينشأ الجيل الثاني من المهاجرين المسلمين إلى المملكة المتحدة وهم في حيرة من أمرهم، بين التشدد في دعوات العودة إلى الالتزام بالمظاهر الإسلامية التعبدية والانغماس في مظاهر اللهو والحياة الغربية. يملأهم الضيق من هجرة آبائهم للعمل في الغربة، ويتناقضون بعدم رغبتهم العودة إلى أوطانهم الأم، ما جعل أمنية البعض منهم أن يعيشوا في جزيرة معزولةٍ عن العالم، كدولة «سلطنة بروناي». ولا يخفي الحاج البريطاني الباكستاني الأصل يوسف أحمد رغبته هذه، ويبدأ كلامه بالهجوم على أقرانه، أبناء الجيل الثاني من المسلمين المهاجرين إلى المملكة المتحدة، ويصفهم بالجيل السيئ في أمور الدين، مع انغماسهم في مظاهر اللهو والافتتان بالحياة الغربية «الكافرة»، حسب وصفه. ويشير أحمد إلى أن الجيل الأول انتقل إلى المملكة المتحدة قبل أكثر من 40 سنة لأجل العمل تحت إلحاح حاجة الفقر، وأنهم مع مرور الوقت بدأوا في فقدان هويتهم الإسلامية وتناسي دينهم. وعلى رغم ذلك، لا يلوم أحمد قدوم المهاجرين المسلمين إلى المملكة المتحدة، لكنه يلفت الانتباه إلى أن خطة كل مهاجر مسلم كانت ابتداءً العمل لفترة خمس سنوات على الأكثر والعودة مجدداً إلى بلدانهم، ويواصل إلا أن المهاجرين تركوا ما خططوا له ليبقوا في بلاد المهجر فيتزوجوا وينجبوا الأبناء، الذين يصف ميلادهم وبقائهم هناك ب«قدر الله» الذي لا خيار لهم فيه. ويستدرك الحاج البريطاني بالقول إنه لا يزال يقوم بعض الملتزمين من المهاجرين ببعض المظاهر كالصلاة والصيام في الوقت الذي يذهب البقية إلى الملاهي الليلية ويتعاطون المشروبات الكحولية. وعند سؤاله عن سبب هذا الابتعاد، يقول: «الله العالم»، ويرمي بتردد اللوم على وسائل الإعلام «المعادية للإسلام»، التي تتهم الإسلام وكل إسلامي بكل شيء عند حصول أي حدث، ويدلل على ذلك باعتقال أكثر من 2000 مسلم في بريطانيا، لم يُحاكم منهم إلا ما نسبته واحد في المئة. وعن الدور الذي يجب يضطلع به المسلمون قبل لوم الآخرين، يعود أحمد إلى التأكيد على أهمية إصلاح البيت الإسلامي أولاً، بحملهم على القيام بالفروض والشعائر التعبدية الإسلامية، مشيراً إلى دور يقوم به علماء مسلمون في بريطانيا، يقدمون دروس تفسير القرآن والحديث باللغة الإنكليزية. ويتحدث أحمد عن الميزة التي يتميز بها المسلمون المهاجرون في المملكة المتحدة عن غيرهم بإعطاء بعض أبنائهم دروساً إضافية بعد انتهائهم من الدوام الرسمي في المدارس ولمدة ساعة واحدة في «المكتب»، يتعلم فيها الصغار القرآن والحديث وتعاليم الحديث. ومن بين 1.5 مليون مسلم يعيشون في المملكة المتحدة، يقول أحمد إن عدداً قليلاً منهم، لا يتجاوز خمسة في المئة، يدخلون ضمن هذه البرامج التصحيحية، وعلى رغم ذلك، يتمنون العيش في جزيرة معزولة على مثال «سلطنة بروناي»، في أقصى ما تكون عليه صورة اللا واقعية في التعامل مع معطيات الحياة.