أكدت مصادر فلسطينية موثوقة ل «الحياة» أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس لديه «رغبة شديدة» في تكليف سلام فياض تشكيل حكومة فصائلية جديدة قبل رحلته المرتقبة إلى واشنطن في السابع والعشرين من الشهر الجاري، لكن هذا الأمر ما زال مطروحاً للبحث «بسبب بعض الإشكالات». ورجحت أن تحسم الأمور غداً عقب عودة الرئيس إلى رام الله. وأوضحت المصادر أن عباس يريد أن يكلف فياض قبل رحلته «لأنه إذا شكل هذه الحكومة عقب عودته سيعتقد كثيرون أن تشكيلها جاء تنفيذاً لتعليمات من واشنطن أو بإيعاز منها». ولفتت إلى أن هناك «تحفظات ومحاذير تجابه تشكيل الحكومة المقبلة، أبرزها أن عباس لا يستطيع قانوناً إجراء تعديلات على الحكومة لأنها حكومة تسيير أعمال، وهو مضطر تبعاً لذلك إلى أن يعيد تكليف فياض بتشكيل حكومة جديدة بمرسوم جديد». وأشارت إلى أن «الأمر الثاني هو أن مصر التي ترعى الحوار الوطني الفلسطيني تفضل إرجاء هذه الخطوة إلى ما بعد جلسة الحوار المقبلة أملاً في أن يكون المقترح المصري عاملاً مساعداً في إنجاح الحوار والتوصل إلى حل لمشكلة الحكومة، وهي العقدة التي تواجه الحوار وتحول دون تقدمه، بل تكاد الأمور بسببها أن تصل إلى طريق مسدود». ولفتت إلى أن «هناك إشكالية أخرى تواجه تشكيل حكومة في الظرف الراهن، وهي أن كلا من عباس وفياض يريد لهذه الحكومة أن تكون فصائلية، لكن هناك شكوك في إمكان موافقة الفصائل على الانضمام إلى حكومة قبيل استنفاد كل سبل نجاح الحوار». وأضافت: «لن تشارك الفصائل في حكومة قبيل حسم نتائج الحوار، أي بعد اتفاق كامل أو بعد إعلان الفشل». واستبعدت مشاركة «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» في حكومة كهذه، وإن رجحت إمكان مشاركة «الجبهة الديموقراطية»، لكن بعد حسم قضية الحوار الوطني. ورأت أن الحكومة الحالية «ضعيفة وغير قادرة على القيام بعملها لأنها شكلت على عجل عقب الحسم العسكري لحماس في غزة... وهناك كثيرون رفضوا المشاركة فيها حتى لا يقحموا أنفسهم في إشكالية الانقسام الفلسطيني». وكشفت «رغبة فياض في المشاركة الفعالة في اختيار من سيشغل الحقائب الوزارية في الحكومة المقبلة». وقالت إنه «يريد مشاركة فتح بقوة في الحكومة المقبلة، لأن فياض يرى أن حركة فتح تنظيم قوي، وسيدعم الحكومة في شكل أو آخر. وهذه فرصة مواتية لفرض شروطه في ظل إبدائه عدم حماسة لترؤس الحكومة المقبلة». ولفتت إلى أن «هناك إشكالية ستجابه عباس وفياض لأنه في حين يريد فياض وجوداً قوياً لفتح في الحكومة، فإن عباس لا يفضل ذلك ويريد حكومة متوازنة من كل الفصائل». من جهة أخرى، أكّد عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» الدكتور نبيل شعث أن الحوار الفلسطيني سيستأنف في السادس والعشرين من الشهر الجاري برعاية مصرية من أجل استكمال حل القضايا الخلافية، فيما قال سفير فلسطين في القاهرة نبيل عمرو إن هناك اقتراحاً لاستئناف الحوار قبل هذا الموعد بثلاثة أيام. وقال شعث ل «الحياة» إن «من ضمن الحلول المطروحة لتجاوز عقدة الخلافات في شأن برنامج الحكومة، تشكيل حكومة في رام الله ولجنة من كل القوى والفصائل في غزة وتهيئة وضع يسمح مبدئيّاً بإعادة إعمار القطاع وإنهاء الانقسام السياسي والجغرافي»، مشدداً على أن «الحوار أمر استراتيجي وليس مرحليّاً، ولذلك سيظل قائماً لإنهاء جملة القضايا الخلافية». وأشار إلى أن فياض «من أقوى المرشحين لتولي رئاسة الحكومة المقبلة التي قد تضم ممثلين من القوى المختلفة بما فيها فتح». وأكّد أن «من الصعب إنهاء الحصار أو البدء في إعادة الإعمار ومواجهة الحكومة الإسرائيلية اليمينية أو الاستفادة من تغيرات الأوضاع السياسية في أميركا من دون وحدة فلسطينية حقيقية». وأكد أن «فتح» مصمّمة على عقد مؤتمرها السادس «لإعادة استنهاض الحركة وقيادتها للمشروع الوطني». وقال إن «مصر لم ترد بالسلب على طلب عقد المؤتمر على أراضيها»، لكنه لم ينف أن «استمرار التباينات داخل أطر الحركة من شأنه أن لا يشجع مصر على الموافقة». ونفى أن تكون «فتح» طلبت من «حماس» خلال الحوار السماح لأعضاء المؤتمر السادس بالخروج من غزة. من جهته، قال السفير الفلسطيني في القاهرة إن عباس أبلغ القيادة المصرية استعداده للتوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة الداخلية في أسرع وقت ممكن. وأضاف أن «المشاورات الفلسطينية - المصرية متواصلة لإيجاد أرضية مشتركة تفضي إلى حل ينهي أزمة الانقسام، والقيادة الفلسطينية تدرك طبيعة التحديات الجسيمة، خصوصاً أن هناك قيادة يمينية في إسرائيل تتربّص بالشعب الفلسطيني».