فضائية جديدة تستعد لإطلاق بثّها تحت إسم «فلسطين اليوم». نستقبل النبأ بفرح بسبب حاجة الموضوع الفلسطيني إلى إسهام إعلامي تلفزيوني جديد في مرحلة سياسية ندرك أن الإعلام يحتّل موقعاً رئيساً فيها، ويستطيع بسطوته وتأثيره أن يحقق إنجازات تعجز عنها السياسة. هي فضائية تضاف إلى عدد من الفضائيات العاملة، والتي انطلقت خلال الأعوام القليلة الماضية، نسعد بانطلاقتها من دون أن ننسى الكثير من حذر يرافقنا مع كل بداية من هذا النوع، بسبب مشاهداتنا التي لم تكن مرضية أغلب الأحيان. ملاحظاتنا تنطلق من فكرة «التجييش» التي نلمحها واقفة خلف القنوات الفضائية التي تحمل إسم فلسطين. إذ هناك فارق كبير بين إعلام من أجل القضية، وآخر من أجل حزب أو فصيل سياسي، إذ تتسع آفاق الأول فيما تضيق عند الثاني وتتحوّل إلى مجرّد «دكّان» يعرض بضاعة من لون واحد لا يتغير. لا ندعو هنا لإعلام «محايد» فذلك «لا لون ولا طعم ولا رائحة» تميّزه، وهو إضافة إلى ذلك غير ممكن وغير موجود. بل ندعو إلى بث فضائي فلسطيني ينطلق من المشترك الذي يجمع ولا يفرّق، وهو هنا بالتأكيد حزمة القضايا السياسية والإعلامية التي تنير واقع الحال في فلسطين، من أجل تفاعل إيجابي بين القناة ومشاهديها بما يسمح بدور إيجابي يتنامى كي يصنع رأياً عاماً من حول الكفاح الفلسطيني يكسر قيود العزلة ويرفد العمل السياسي بقوّة حضوره في العالم. ما نعيبه اليوم على القنوات الفضائية الفلسطينية هو بالذات ما ننتظر أن تتخلّص منه القناة الجديدة: اللّون الواحد والرأي الواحد. هنا بالذات يفيد البث الجديد أن يصنع علاقة حيويّة مع مختلف قطاعات الشعب الفلسطيني، وبالذّات مؤسسات المجتمع المدني، ومنظماته المستقلّة كي يكون قادراً على التفاعل مع الحركة اليومية للناس، والتقاط نبض الشارع إزاء كل قضية أو تفصيل، والابتعاد عن الغرق في العناوين العامة التي تنتظمها عادة مواقف الأحزاب والفصائل السياسية. نضيف إلى ذلك كلّه ضرورة أن تعتني الفضائية الجديدة بالثقافة الفلسطينية ليس في نماذجها وتجلّياتها «التاريخية» وحسب، ولكن في واقعها الرّاهن اليوم. ذلك ما يمكن أن يمنح الفضائية الجديدة اختلافها الضروري، بل ما يمكن أن يكون مبرّر وجودها.