استمرار الحوار حول السطوة والمجايلة، بين الشباب والشيوخ، موضوع مهم. وأهميته نابعة من كونه قضية عربية عامة، لا تخص بلدا دون آخر. كل الاجيال الشابة تشعر بأن الرواد يحتكرون المقاعد. وفي لقاء ضم مجموعة من طلبة وطالبات الجامعات في مدينة الرياض وعدداً من الاعلاميين، تحدث الشباب عن ضرورة تمثيلهم في ادارة المؤسسات. ولفت بعضهم الى المفارقة المزعجة التي تعيشها الإدارة في البلاد العربية، وهي الفارق الكبير بين أعمار المسؤولين عن المؤسسات الثقافية والاعلامية وغالبية الجمهور المستهدف، فضلاً عن ان قضية التفاوت العمري موجودة في بقية مؤسسات المجتمع. هذه السطوة التي يجري الحديث عنها، لا ذنب للمبدعين الكبار في حدوثها. فالثقافة كانت ولا تزال صناعة حكومية في الدول العربية. وأنظمة الحكومات تعول كثيراً على مسألة السن، وتستند الى قاعدة «اكبر منك بيوم اعلم منك بسنة». ولهذا أصبحت الأقدمية والأسبقية هي المعيار. وحجب هذا المقياس عيون المنظمين عن حقيقة ان المجتمعات العربية مجتمعات شابة، وهي بحاجة الى قيادات تمثلها. قبل سنوات اعلن في غير بلد عربي عن ما يسمى «منتدى القيادات الشابة»، وتفاءل الشباب بهذه المبادرة، لكن الذي حدث هو ان هذه المنتديات اصبحت مع الوقت تجمعات نخبوية، ومنابر لتلميع أعضائها. وتحول بعضهم الى نجم، وانتهت القصة هنا. كان المطلوب ان تتحول هذه المنتديات الى جماعات ضغط في مجتمعاتها، وتسعى الى تغيير ثقافة الادارة الحكومية والخاصة، وفتح الأبواب أمام الشباب لتولي مناصب قيادية، ومواجهة النظرة السلبية تجاه الشباب وقدرتهم على تحمل المسؤولية. الحوار المعمق بين العاملين في وسائل الاعلام حول ضرورة تغيير محتوى وسائل الاعلام ليواكب الوسائل الاعلامية الجديدة، او الاعلام الجديد، يجب ان يصاحبه حوار مماثل عن ضرورة تغيير مقاييس الادارة لتستطيع استيعاب الشباب، ومنحهم فرصة الوصول وتمثيل جيلهم. من الصعب الرهان على نجاح وسائل الاعلام والثقافة في العالم العربي والتأثير في هذه المجتمعات الشابة، وهي تدار بأجيال من أيام الأبيض والأسود، وصفّ الحروف بالرصاص، فضلاً عن ان الإصرار على تقاليد السن والريادة مؤشر الى رغبة دفينة بالانقراض.