أظهر مسح ل «رويترز» أن دول الخليج العربية ستنعم بمعدلات نمو قوية في العام المقبل بفضل ارتفاع أسعار النفط، وان التضخم قد يرتفع قليلاً مجدداً بسبب انخفاض أسعار الفائدة وضعف الدولار. ودفعت الأزمة المالية العالمية السعودية والإمارات صاحبتي أكبر اقتصادين عربيين إلى الركود هذا العام، وهو ما تسبب في جمود الائتمان وأجبر أكبر منطقة منتجة للنفط في العالم على خفض الانتاج. وأظهر المسح الذي شمل 13 محللاً وأجري في الفترة من 11 إلى 23 تشرين الثاني (نوفمبر) أن قطر ستتجاوز بقية دول المنطقة بمعدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي يبلغ 12.5 في المئة في العام المقبل من ثمانية في المئة هذا العام بدعم من التوسع الكبير في منشآت الغاز. ويتوقع أن ينمو الاقتصادان السعودي والإماراتي بمعدل أبطأ بكثير يبلغ نحو ثلاثة في المئة في 2010 بعد تراجع متوقع يبلغ نحو واحد في المئة هذا العام فيما يرجع جزئياً الى استمرار تردد البنوك في الاقراض عقب عملية اعادة الهيكلة المالية لمجموعتين سعوديتين. ويتوقع أن تحقق عُمان نمواً بنسبة 4.3 في المئة العام المقبل في حين يتوقع أن تحقق الكويت والبحرين نمواً بنسبة 2.7 في المئة و2.6 في المئة على الترتيب. وقال كبير الخبراء الاقتصاديين لدى مجموعة سامبا المالية في لندن جيمس ريف: «بالنسبة إلى العام 2010 فإن التوقعات ايجابية بشكل معقول بسبب أسعار النفط التي نتوقع أن تواصل الصعود... وينتظر أن يشهد نمو الاستهلاك الخاص بعض الانتعاش في 2010. غير أن التوقعات للاستثمار الخاص متباينة بدرجة كبيرة. لا تزال قيود الائتمان شديدة الى حد كبير في معظم أنحاء المنطقة». وتوقف نمو الائتمان في السعودية تقريباً في أيلول (سبتمبر) في حين جنبت بنوك الامارات مزيداً من المخصصات لمواجهة القروض المتعثرة في الربع الثالث، مسجلة أكبر زيادة فصلية فيها هذا العام. وعلى رغم أن التوقعات لدول الخليج الست تبدو أفضل منها قبل أشهر عدة إلا أن المخاوف من انزلاق الاقتصاد العالمي إلى الركود في النصف الثاني من العام المقبل تشكل أكبر مخاطر في المنطقة. وأوضح الخبير لدى البنك السعودي الفرنسي في الرياض جون سفاكياناكيس: «الخطر الرئيسي على التوقعات الايجابية هو وتيرة الانتعاش العالمي وأن أسعار النفط قد تتراجع بشكل حاد». وقال: «حسابات المعاملات الجارية والحسابات المالية (الحكومية) قد تظل ايجابية اذا تجاوز متوسط سعر النفط 70 دولاراً للبرميل». وارتفعت اسعار النفط الى أعلى من مثلي أدنى مستوياتها هذا العام إلى نحو 78 دولاراً للبرميل لكنها لا تزال عند نحو نصف مستوى ذورتها الذي بلغ نحو 147 دولاراً للبرميل في صيف 2008. ويتوقع أحدث مسح لرويترز متوسطاً لسعر النفط يبلغ 74 دولاراً للبرميل في 2010. ومن المرجح أيضاً أن يحسن ارتفاع أسعار النفط التوازنات المالية لحكومات دول الخليج العربية التي أنفقت بكثافة لمساعدة اقتصاداتها على مواجهة الأزمة في ظل توقعات بفوائض قوية لكل البلدان في العام القادم. كما يرجح أن يؤدي ضعف الدولار وانخفاض أسعار الفائدة والسياسات المالية لدول الخليج العربية إلى انعاش الضغوط التضخمية. لكن محللين قالوا إن نمو أسعار المستهلكين في المنطقة يتوقع أن يظل أدنى بكثير من مستوياته في العام الماضي حتى اذا شكل تراجع الدولار لأدنى مستوى في 15 شهراً مخاطر على دول الخليج التي تربط عملاتها بالعملة الأميركية. وتوقعت المسؤولة في المجموعة المالية هيرميس القابضة في دبي مونيكا مالك أن يكون ضعف الدولار المحرك الرئيسي للضغوط التضخمية في العام المقبل. وقالت: «نتوقع أن تكون الدول ذات المعروض الوفير من المساكن مثل الإمارات - من خلال دبي - وقطر أقل تعرضاً للضغوط التضخمية من الدول التي لا تزال تشهد عرضاً أقل من المساكن». ويتوقع أن تشهد السعودية وعُمان أعلى معدل للتضخم يبلغ خمسة في المئة في العام المقبل، تليهما الكويت بمعدل يبلغ أربعة في المئة بينما يتوقع أن يبلغ التضخم في قطر والإمارات 2.9 في المئة.