ليت ايران قبلت تسليم اليورانيوم المخصب الذي تملكه الى تركيا، نزولاً على اقتراح رئيس وكالة الطاقة الذرية الدولية، محمد البرادعي. فشأن هذه الخطوة تبديد التوتر في المنطقة، والبرهان على أن ايران على استعداد للتعاون مع المجتمع الدولي محل ثقته. وتأخر ايران عن تسليم اليورانيوم الضعيف التخصيب يترتب عليه تأخير برنامجها النووي عاماً على الأقل. وطالما بقيت مسألة العقوبات معلقة او بعيدة من اجندة مجلس الأمن، ففي وسع حكومة حزب «العدالة والتنمية» (التركية) الحفاظ على توازن علاقاتها بإيران وبالغرب. فتركيا كان لها سهم في إقناع ايران بالموافقة مبدئياً في اجتماعها مع الدول الخمس زائد ألمانيا، مطلع الشهر الماضي، بجنيف، على اقتراح الوكالة الدولية نقل 80 في المئة من اليورانيوم، اي نحو 1200 كلغ، الى فرنسا او روسيا لتخصيبه تخصيباً يلائم استخدامه لأغراض طبية، وتسليم اليورانيوم «الطبي» الى طهران. ولكن طهران أعلنت أنها لا تثق بفرنسا. فردت الوكالة الدولية باقتراح تخزين اليورانيوم الإيراني بتركيا. ويفترض أن ايران تثق بها. ولكن وزير الخارجية الإيراني صرّح ان بلاده ترفض اقتراح اخراج اليورانيوم الى الخارج، وذلك بعد يومين من نشر تقرير الوكالة الدولية الذي لام ايران على ضعف تعاونها، واستمرار عملية التخصيب. وفيما كانت الوكالة تنتظر الرد الإيراني الرسمي، سارع وزير الخارجية التركي، احمد داود اوغلو، الى ايران للقاء الرئيس احمدي نجاد. ولكنه فشل في إقناع الإيرانيين بالاقتراح التركي. وجليّ ان المشكلة ليست في البلد الذي يمكن ان تودعه ايران خزينها النووي، بل في نقل اليورانيوم الى الخارج. ورجح الرد الإيراني كفة فرض عقوبات جديدة على ايران. ويبدو أن تأزم العلاقات الإيرانية بالغرب تعاظم بعد رفض ايران الاقتراحات الدولية. وأغلب الظن أن يطرح الملف الإيراني النووي ومشروع تشديد العقوبات على ايران، في مجلس الأمن. فما موقف تركيا وهي العضو غير الدائم في المجلس من هذه العقوبات؟ فهل ستقترع لتشديد العقوبات ام انها ستمتنع من التصويت؟ وهل تنضم الى تحالف الغرب ام تقف الى جانب ايران؟ وهل تجازف تركيا، وتفرط بما بذلته للحصول على ثقة ايران ودول الجوار في السابق؟ فهي استمالت ايران ودول الجوار من باب مواقف مخالفة لمواقف تحالف الغرب. وهل تستطيع تركيا ان تسوغ تأييدها ايران، في حال ندد المجتمع الدولي بإحجام طهران عن التعاون؟ ويبدو، على هذا، أن شهر عسل (نجاحات) السياسات الخارجية التركية اشرف على الانتهاء، او لعله، على أضعف تقدير، امام امتحان عسير ومصيري. * معلق، عن «مللييت» التركية، 22/11/2009