«نحن في زمن ينتزع فيه الإنسان البسيط، لقمة العيش من بين أنياب الفقر، ليتجنب الموت تحت طاولة الخلافات السياسية»، بهذه الكلمات المعبّرة عن شظف العيش، تحدث عمال يمنيون مخالفون لنظام الإقامة في جنوب السعودية ل«الحياة» حول معاناتهم مع البحث عن لقمة تسد جوعهم وجوع أسرهم، بينما يقعون بين «نارين»، استغلال أرباب العمل لهم، والقدرة على جمع أكبر قدر من المال. ويؤكد هؤلاء أنهم لجأوا إلى الإقامة في السعودية «مخالفين»، للتعبير عن استيائهم من الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في بلادهم. وذكر أحمد حسين الذي ولد في السعودية، أن دخل أسرته الشهري كان يتجاوز ألفي ريال قبل أزمة الخليج، «لكن جدي اعترض على نظام الكفالة، الذي فرض على اليمنيين حينها»، (لم يكن مطبقاً على حملة الجواز اليمني قبل أزمة الخليج)، وأمرهم بالعودة إلى اليمن، يقول: «لم نستطع أنا وإخوتي التأقلم في اليمن بعد وفاة جدي، فاتجهنا شمالاً نقضي من شهر إلى شهرين داخل السعودية، لتأمين ما يقينا من شبح الفقر»، مضيفاً: «واجهنا استغلال بعض أرباب العمل للعمالة، ومشكلة الأجور المتدنية، لأننا من مخالفي الإقامة، وتم ترحيلنا أكثر من مرة، لكننا كنا نعود مشياً على الأقدام». ويشير يحيى صلاح إلى أن جنوب السعودية أرض زراعية ومعتمدة على العمالة اليمنية، فهم لهذا يرحلون ويعودون ليجدوا عملاً، إذ إنه من الصعب توفير عمالة تساوي مهارة اليمنيين في الزراعة، فمعظم المحاصيل في جازان تقوم على سواعد يمنية، وقال: «على أصحاب المزارع السعوديين حماية العمالة ومن لديهم خبرة بطبيعة الأرض، وتسهيل نظام الكفالة، فمجهولو الهوية مستغلون حتى الآن من بعض ضعاف النفوس، خصوصاً بعد الحرب، لا يوجد ما يضمن حقوقنا كعمال، فمن يعمل براتب شهري، يتم ترحيله قبل أن يستوفي حقه، ولن يتعرف عليه صاحب العمل، خوفاً من فرض غرامة عليه، لتشغيله عمالة مجهولة». من جهته، يرى ماجد العبسي، أن نظام الكفالة حل مشكلة الترحيل اليومي لمن تربطهم مصاهرة من سكان القرى اليمنية والقرى السعودية القريبة من الحدود. ويضيف: «نجد مشقة في التواصل مع أقاربهم منذ بداية الحرب، وإخلاء المنطقة الحدودية، ويكتفون بالمكالمات الهاتفية فقط التي أصبحت مكالمات دولية لبُعد المسافة، فهم كانوا يستخدمون الشبكة المحلية اليمنية، والآن لم يعودوا قادرين على ذلك».