تباطأ الاقتصاد الصيني منذ عام 2011، إذ انكمش معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى أقل من 7.3 في المئة خلال الربع الرابع عام 2014، مقارنة بذروة بلغت 12.1 في المئة. وتطرق الخبير الاقتصادي في شركة «آسيا للاستثمار» جوردي روف في تقرير، إلى عوامل مهمة ساهمت في هذا التباطؤ، معتبراً أن تلاشي أرباح الإصلاحات السابقة وانكماش العائدات الاستثمارية من أبرز الأسباب. وأضاف: «في السنوات الأخيرة، كان الاقتصاد الصيني يعتمد بشدة على الائتمانات الجديدة، التي طاولت قطاعات معيّنة مثل الإسكان، وبناءً عليه خلق أخطار حدوث فقاعة في هذا القطاع وضعفاً هيكلياً». وتابع: «في منتصف عام 2014، بدأ تراجع سوق العقار المترافق مع ظروف اقتصادية كلية عالمية ضعيفة، يحمل تداعيات سلبية على بقية شرائح الاقتصاد الصيني، لا سيما قطاع الصناعة الذي ظهر في الاتجاه المتراجع لمؤشر مديري المشتريات لقطاع التصنيع في الصين». ولفت إلى أن «هذه العوامل مجتمعة، إلى جانب ضعف أسعار الطاقة، تركت بصمتها على التضخم الصيني الذي وصل إلى مستوى يعتبر الأدنى منذ الأزمة المالية عند 0.8 في المئة». وأشار روف إلى أن «حركة التصحيح المستمرة في سوق السكن وتراجع أرقام التضخم، أتاحا لبنك الصين الشعبي تطبيق سياسات نقدية أشمل وأكثر جرأة، وعلى عكس معايير الحوافز المستهدفة بعناية سابقاً، قرر المركزي تطبيق معايير شاملة للسياسة النقدية من خلال خفض معدل الفائدة الرئيسي 0.4 في المئة إلى 6.5 في المئة في تشرين الأول (أكتوبر) 2014، و0.25 في المئة إلى 5.35 في المئة الشهر الماضي». وفي شباط (فبراير) الماضي، اتخذ البنك خطوة أخرى في الاتجاه ذاته، ووافق على خفض نسبة الاحتياط المطلوبة. وأطلق هذا المعيار أموالاً تساوي أكثر من 100 بليون دولار يمكن البنوك استخدامها لزيادة نشاط إقراضها، ومع خفض معدل الفائدة، قد تمثل دعماً كبيراً للصين. ومع ذلك، قد تأتي هذه المعايير الواسعة على حساب انكشاف غير مبرر على الأخطار في القطاع المالي. وأردف: «لا اتجاهات إيجابية كثيرة حالياً في الاقتصاد الصيني في ظل مؤشرات تراجع النشاط الاقتصادي المتجلية بوضوح في معظم القطاعات، فأسعار العقار ارتفعت مطلع عام 2014، لتنمو عند معدلات سنوية تقارب 10 في المئة، بينما سجلت في كانون الثاني (يناير) الماضي معدلات انكماش بلغت 5.1 في المئة، كما بقيت مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي راكدة، وتراوحت معدلات النمو بين سبعة وثمانية في المئة». وأوضح روف أن «مؤشر مديري المشتريات لقطاع التصنيع الصيني الرسمي يعكس بدقة الوضع الراهن للصناعة الصينية، إذ أظهرت القراءة الأخيرة مزيداً من الضعف الذي يعاني منه القطاع، كما قد يعيق تباطؤ الناتج المحلي الإجمالي العالمي الزيادة الكبيرة للصادرات، ما يجعل الطلب الخارجي مصدراً غير مرجح للنمو الاقتصادي». وفي ما خص قطاع الخدمات الذي وصل وفق مؤشر مديري المشتريات إلى 53.7 في المئة خلال كانون الثاني الماضي، فيبدو أنه القطاع الوحيد الذي لديه قدرة على دعم نمو الاقتصاد. ومن خلال النظرة المستقبلية الحالية، فإن إمكان لجوء بنك الصين الشعبي إلى مزيد من التسهيل النقدي كبيرة، كما يُتوقع تطبيق مزيد من خفض نسبة الاحتياط المطلوبة ومعدل الفائدة، المستهدفة والسائدة، وذلك على المدى المتوسط. واختتم روف: «مع ذلك، لن ترسي السياسة النقدية وحدها أسس طريق النمو المستدام في الصين، بل يجب أن تكون البرامج الطموحة للإصلاحات الاقتصادية الهيكلية موجودة بهدف ضمان نجاح الأداء الاقتصادي في السنوات المقبلة».