منذ سنوات وانا أكتب عن أخطار الهجرة غير الشرعية القادمة عبر الحدود السعودية الجنوبية، هذه الهجرة مجرد غطاء لتجارة البشر بما فيها من استغلال الأطفال في التسول والسخرة، إضافة إلى ترويج المخدرات والأسلحة. وجاء الوقت «من باب رب ضارة نافعة»، لينكشف للجميع حجم هذه الظاهرة وخطورتها، فعلى رغم وجود قوات من الجيش لردع المتسللين المسلحين إلا أننا نقرأ كل يوم ونطالع صوراً تبين حجم طوابير من المتسللين قبضت عليهم القوات السعودية، ولك أن تتخيل الأوضاع قبل شرارة اعتداء المسلحين على الحدود وتقدم الجيش بكثافة عددية ونوعية إلى الحد الجنوبي، وكيف كان رجال حرس الحدود، بإمكاناتهم التي لا تقارن بما يتوافر للقوات المسلحة يواجهون هذا الطوفان البشري المتعدد الأعراق والأهداف. لا شك أن رجال حرس الحدود كانوا يواجهون مهمة بالغة الصعوبة. مع القلاقل السياسية المتصلة والحروب الأهلية والحدودية المستمرة التي حدثت وما زالت تعاني منها دول عدة في القرن الأفريقي برزت أكثر فأكثر ظاهرة الهجرة غير الشرعية ولفتت الانتباه إلا انتباهنا، وكان ظهور قراصنة البحر محل اهتمام دولي، وعلى رغم أن طلائع الهجرة غير المشروعة ظهرت بل استقرت في جبال قرى ومحافظات الجنوب السعودي أكثر من غيرها وأحدثت آثاراً سلبية طاولت السكان بما فيها جرائم وسرقات إلا ان مواجهة ذلك لم تتم بالصورة المناسبة. هذه البيئة لسنوات كانت الحاضن المناسب لتجارة المخدرات والأسلحة واستغلال الأطفال والنساء وكبار السن في التسول بدفعهم عبر الحدود، ولا شك أنها انتجت مراكز قوى أو عصابات ومافيات تستفيد من هذه الظاهرة وتقاتل لأجلها، ولا شك أن المتسللين المسلحين مع دول تدعمهم وجدوا فيها ضالتهم المنشودة، والأخبار اليومية التي تصدر عن القوات السعودية الآن تظهر حجم المشكلة بما يستدعي أهمية التعامل الطويل الأجل معها، ويضاف مع هذا الزخم البشري ضرورة معالجة مجاميع المتسللين في الداخل الذين تمكنوا من الدخول. لا يمكن تقدير رقم الذين أصبحوا داخل الحدود السعودية وتلاشوا في قراها ومحافظاتها أو مناطق نائية منها، إلا انه من الممكن القول إنه رقم كبير وخطير إذا لم تتم معالجته ومواجهته. وجود الجيش على الحدود فرصة مناسبة وذهبية لإعادة ترتيب أوراق التعامل مع هذه الظاهرة وحصرها في أضيق نطاق ممكن، وحتى ننزع من الطامعين في التأثير على استقرار بلادنا أدوات لن يترددوا من التلاعب بها. www.asuwayed.com