بروكسيل - أ ب، أ ف ب - الرئيس الجديد للاتحاد الأوروبي هيرمان فان رومبوي، شخص لا يحبّذ الأضواء ولن يحجب بحضوره الخجول، تطلّع القادة الأوروبيين الى فلاشات وسائل الإعلام ومانشيتات الصحف. تطلب إقناعه بتولي رئاسة الحكومة البلجيكية في كانون الأول (ديسمبر) 2008، كثيراً من الجهد، بعد رفضه الترشح للمنصب، قبل ان يرضخ في نهاية المطاف. واختار البلجيكيون فان رومبوي لرئاسة الوزراء، بعدما اثار سلفه ايف لوتيرم استياء عدد كبير من الفرنكوفونيين في بلده، خلال النزاع الذي تشهده بلجيكا منذ عام 2007، بين مجموعتيها الناطقتين بالهولندية والفرنسية. هدأت الأزمة قليلاً منذ تسلم فان رومبوي منصبه، خصوصاً انه يعمل في الظل متجنباً اثارة النعرات، ويحظى بتقدير الملك البرت الثاني كما يُعتبر معتدلاً في القضايا اللغوية التي تقسم البلجيكيين. ونجح في تهدئة الأجواء بين الأحزاب السياسية الفلمنكية والفالونية، بعدما حال التوتر بينها دون قيام اي تفاوض جدي على اصلاح المؤسسات البلجيكية، بطلب من الشطر الفلامنكي. وتقضي «طريقة فان رومبوي» الشهيرة، أولاً بفرض الصمت على الوزراء في العلن، ثم الاستماع الى آراء الآخرين قبل اتخاذ قرار. وُلد فان رومبوي وهو من الناطقين بالهولندية، في 31 تشرين الأول (أكتوبر) 1947 في بروكسيل، ودرس لدى اليسوعيين مبدياً اهتماماً بفلسفة القديس توما الإكويني، قبل تخصصه في الاقتصاد. قاد فان رومبوي جناح الشباب في الحزب المسيحي الديموقراطي في سبعينات القرن العشرين، ويشغل مقعداً نيابياً منذ عام 1988 كما ترأس البرلمان، مفضّلاً الظهور بمظهر من هو فوق الخصومات. ويبدو ان ذلك متعلق بطبعه، اكثر من حساباته السياسية. وقال شقيقه الأصغر اريك الذي ينشط في شكل اكثر تشدداً لمصلحة القضية الفلمنكية: «انا رجل العمل وهو الأكثر اهتماماً بالفكر». شغل بين عامي 1993 و1999 منصب وزير الموازنة في الحكومة التي ادخلت بلجيكا في منطقة اليورو، كما اثبت قدرته على مواجهة الأزمة الاقتصادية. قدرته على انشاء توافق مطلوبة في رئاسة الاتحاد الأوروبي، وجعلت منه مرشحاً مفضلاً لدى باريس وبرلين خصوصاً، اكثر من رؤيته لأوروبا موحدة، اذ ان قناعته بأوروبا أقل بروزاً من قناعات رئيس الوزراء البلجيكي السابق غي فيرهوفشتات الذي اعتُبر الأوفر حظاً عام 2004 لترؤس المفوضية الأوروبية، قبل رفض بريطانيا له. فان رومبوي كاثوليكي ممارس، ووالد لأربعة أطفال (ابنان وبنتان) وشغوف بالأدب (الفرنسي والألماني خصوصاً)، كما يحدّث دوماً مدونته بقصائد الهايكو، وتتمثل في أشعار صغيرة على الطريقة اليابانية، يكتبها بالهولندية. لعل الضجة الوحيدة التي أثارها فان رومبوي أوروبياً، تمثلت في قصيدة ألقاها الشهر الماضي، تتحدث عن كيفية تعاون بلجيكا وإسبانيا وهنغاريا عام 2010 حول مسائل سياسة الاتحاد الأوروبي. اعتبر معلق بلجيكي ان «فان رومبوي يفتح فمه فقط كي يتنفس»، فيما نعته معلق فرنسي بأنه «هيرمان اللطيف»، لكن ليس من باب المجاملة...