ثمن الخبير في مجمع الفقه الدولي الدكتور حسن سفر توجيه وزير الشؤون الإسلامية الشيخ صالح آل الشيخ وزارته بدرس فكرة إنشاء معهد ذي طابع استقلالي لتدريب المشاركين في شرف خدمة الحج والحجاج من المنظور الشرعي وإيجاد مرجعية توثيقية مدونة لفقه الإفتاء والفتاوى المتكررة من الحجيج . واعتبر الوزارة «بهذه المشاريع النيرة المضيئة تحسن صنعاً في القضاء على ازدواجية الفتوى وتضارب الفتاوى». وأكد في مقترحات للجهات القائمة على الحج والفتوى أنه «معلوم من الدين بالضرورة أن الفتوى من المناصب والولايات الإسلامية المهمة والعظيمة، ومن الأعمال الدينية العالية الرفعة، والمهام الشرعية ذات الصبغة الفقهية الجسيمة، ينوب المفتي فيها عن رب العالمين، ويؤتمن على شرعه ودينه، ولهذا الوجوب يقضي على المتسنم ولاية الإفتاء حفظ الأمانة والصدق في التبليغ، وقد نقل عن الإمام النووي(631ه) قوله: «اعلم أن الإفتاء عظيم الخطر، كبير الموقع، كثير الفضل، لأن المفتي وارث الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وقائم بفرض الكفاية، لكنه معرض للخطأ ولهذا قالوا، إذا كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحل الذي لا ينكر فضله ولا يجهل قدره وهو أعلى المراتب السنيات فكيف بمنصب التوقيع عن رب العالمين وليعلم المفتي عمن ينوب في فتواه وليوقن انه مسؤول». لكنه رأى أنه مع هذه الأهمية للفتوى «فإننا نلاحظ بعض الأعراض المرضية التي تنتابها والأوبئة المحيطة بها وبعض المشكلات التي تعترضها وبعض الشوائب التي تعكر صفوها كتسنم غير أهلها، فخطاب المفتي خطاب شرعي تنويري للأحكام فيجب أن تتوافر في القائم بأمره شروط المفتي التي أبانها علماء الفقه والأصول في كتبهم، وان التحول الحاصل اليوم بين تشدد وتنطع وتكليف فوق الطاقة، وتساهل مفرط وقول بغير علم، له أسباب»، أجملها في ما يأتي: أولاً: عدم التعمق والاستقراء لنصوص الشرع ومقاصد الشارع من شرعنة الأحكام. ثانياً: جهل بعض المفتين في إفتائهم للسائلين وبعدهم عما يكتنف العالم من منهجية في المتغيرات والمستجدات فيجب ان تنزل الفتوى ساحة الواقع المعاصر وتوجد حلاً لا حجراً فقد وسع الشارع على الناس ورفع الحرج عنهم ففقه الفتوى يجب أن يكون موافقاً للمناظر الشرعية والاجتماعية والمتغيرات السياسية وشمولة الفقه الفتووي المنظومة الرحمانية «ذلك تخفيف من ربكم ورحمة». ثالثاً: لمس غالبية الحجاج في العالم الإسلامي أن المتشددين في الإفتاء بالأمس أصبحوا متساهلين اليوم في إراحة الناس ورفع الحرج عنهم مستخدمين الهدى النبوي الشريف (افعل ولا حرج). بينما بالأمس هذا حرام، وعليك دم، وحجك باطل، وعند ذلك أدركوا أن الفتوى فهم وعمل وفن ودراسة ومراعاة للمتغيرات في الأزمنة والظروف وعمل بالقاعدة الفقهية للإفتاء «الفتوى تتغير بتغير الزمان ومراعاة الأحوال». رابعاً: نأمل في رحابة صدر صانعي الإفتاء، فتح آفاق من الاستنارة و الاستئناس بفتاوى ونصوص المدارس الفقهية المذهبية المتنوعة إذا كانت قائمة على قوة وحجية الدليل في أحكام المناسك الصادر من مصدرية التشريع الاسلامي . خامساً: التعاون مع الجامعات والأكاديميات لتأهيل الخريجين وإدخال مادة الإفتاء وتأهيل المفتي دراسياً واستنباطياً، ورسم آليات استقاء الفتوى من مصادر التشريع تدريباً وتطبيقاً وعملاً وتنفيذاً. سادساً: بهذا الصنيع تستكمل المنظومة الخدمية الإسلامية المتكاملة في أعمال تنظيم الإفتاء وفتح آفاق جديدة ونافذة في الجدار تقضي على التعنت والتشدد في الفتوى. وختاماً: أرى أن يقتصر الإفتاء على المتخصصين الشرعيين المتوافر فيهم شروط الإفتاء، لا المتسلقين على مائدته من دون علم وفهم لمقاصد الشارع. وبلادنا ولله الحمد فيها المرجعية الدينية الكبرى المتمثلة في سماحة المفتي وهيئة كبار العلماء، وننادي ان تكون هناك فروع في المناطق الكبرى لهيئة الإفتاء وتكون ثابتة بمقر ومرجعية تضم كوكبة من العلماء المشهود لهم بالعلم والفقه والدراية كرابطة للعلماء في مكةوجدة والمدينة بإشراف سماحة المفتي.