قطعت اللجنة الوزارية المكلفة صوغ البيان الوزاري للحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة رئيسها سعد الحريري شوطاً على طريق إنجازه قبل نهاية الأسبوع الجاري، بعدما أوشكت على الانتهاء من وضع نصوص متقاربة في شأن المقدمة السياسية التي تتناول فيها الاستراتيجية الدفاعية للبنان، ومن ضمنها سلاح المقاومة في مواجهة التهديدات والاعتداءات الإسرائيلية والعلاقات اللبنانية – السورية وجمع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيمه في داخلها وتعاون لبنان مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ومواكبة أعمالها لجلاء الحقيقة في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري ورفاقه والجرائم الأخرى المرتبطة به ومحاكمة مرتكبها، إضافة الى التفاهم على الخطوط الرئيسة للبرنامج الاقتصادي وأبرزها تأكيد الالتزام بمؤتمر «باريس – 3» لمساعدة لبنان لخفض خدمة الدين العام على أساس تحقيق الإصلاحات المالية والاقتصادية المطلوبة. وأكدت مصادر وزارية أنه كان للدور الذي لعبه الحريري في ضبط إيقاع النقاشات، من دون أن يتخلى عما لديه من أطروحات اقتصادية وسياسية، تأثير مباشر أدى أحياناً الى خلط الأوراق داخل اللجنة لجهة أن الانقسامات العمودية الحادة التي كانت قائمة قبل تشكيل الحكومة لم تتمدد الى اللجنة، إذ إن وزراء من المنتمين الى المعارضة سابقاً أو الى الأكثرية سابقاً اضطروا للتلاقي في منتصف الطريق للوصول الى نصوص توفيقية في شأن الاستراتيجية الدفاعية والعلاقات اللبنانية – السورية. وكشفت المصادر أن عدم التوصل الى إعداد نص نهائي بخصوص الاستراتيجية الدفاعية لا يعود الى استمرار اتساع رقعة الاختلاف بين هذا المحور أو ذاك من الوزراء بمقدار ما انه يتعلق برغبة عدد من الوزراء في العودة الى مرجعياتهم قبل أن يقولوا كلمة الفصل في النصوص المقترحة. وأوضحت أن فريقاً من الوزراء يتمسك بذكر «المقاومة» في النص المتعلق بحق لبنان حكومة وجيشاً وشعباً ومقاومة في مقاومة الاحتلال خلافاً لرأي فريق آخر يطالب بحذف هذه العبارة. وإذ أكدت هذه المصادر أن النص المقترح بخصوص الاستراتيجية الدفاعية وسلاح المقاومة لا يختلف لجهة روحيته عن النص الوارد في البيان الوزاري للحكومة السابقة برئاسة فؤاد السنيورة، قالت ان لا خلاف في اللجنة على إحالة بند سلاح المقاومة على طاولة الحوار وأن تعليق البت في الاستراتيجية الدفاعية يعود الى أن فريقاً يطالب بصيغة تؤكد احترام لبنان القرارات الدولية والتزام الحكومة بتنفيذ القرارين 1559 و1701 فيما يقترح فريق آخر حذف القرار 1559 منها في اعتبار أن جزءاً منه طبّق وأن ما تبقى منه ليس للبنان القدرة على تطبيقه. ورداً على سؤال أكدت المصادر أن الحريري يضغط في كل اتجاه للوصول الى صيغة توفيقية لا تشكل انتصاراً لفريق على الآخر، لافتة في الوقت نفسه الى أن لا اعتراض على موقف لبنان من المحكمة الدولية سواء بالنسبة الى مواكبة أعمالها أم التعاون معها لجلاء الحقيقة في اغتيال رئيس الحكومة السابق ورفاقه أو الجرائم الأخرى. أما بالنسبة الى العلاقات اللبنانية – السورية، فأوضحت المصادر أنه كان لمداخلات الحريري دور في التقريب بين وجهات النظر. ونقل عنه أحد الوزراء قوله لدى مناقشة مستقبل العلاقات اللبنانية – السورية إن «أحداً لا يزايد علي في هذا الموضوع وكنت صرّحت سابقاً بأنني، في مكان ما، سأزور دمشق في حال كلّفت رئاسة الحكومة للبحث في تعزيز هذه العلاقات وتنقيتها من الشوائب، لا سيما أن الجميع اعترف بوجود خلل وحصول أخطاء على هذا الصعيد». وقال الحريري، بحسب الوزير نفسه: «لن نعود بالعلاقات السورية -اللبنانية الى ما كانت عليه قبل العام 2005، لكننا نرفض استبدال صيغ جامدة بالصيغة التي كانت قائمة في حينه، خصوصاً أننا نتطلع الى بناء علاقات إيجابية وودية مع سورية نأمل بأن نتجاوز من خلالها الأخطاء التي حصلت في الماضي وأن تكون النموذج لعلاقات قائمة على التعاون والاحترام المتبادل لاستقلال البلدين وسيادتهما». وأوضح الوزير أن وزراء سألوا عن مصير المجلس الأعلى اللبناني – السوري المنبثق من معاهدة الأخوة والتعاون بين البلدين وأن الحريري رد عليهم بقوله إن هذه المسألة هي واحدة من المواضيع المطروحة للنقاش داخلياً ومع المسؤولين السوريين. وفي شأن السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وترسيم الحدود بين لبنان وسورية، اكد الحريري والوزراء أن هذا الموضوع محل إجماع منذ اجتماعات الحوار في آذار (مارس) 2001. الى ذلك أنهى «حزب الله» مؤتمره العام الذي استمرت أعماله أشهراً عدة جدد في نهايته ولاية الأمين العام السيد حسن نصرالله وانتخب أعضاء مجلس الشورى وعين مسؤولياتهم من دون أي تعديل. وذكر بيان للحزب أن نصرالله سيعقد مؤتمراً صحافياً في الأيام القليلة المقبلة لإعلان الوثيقة السياسية الجديدة.