يروي فنان الغرافيتي البريطاني المعروف باسم «بانكسي» معاناة غزة عبر لوحات جدارية رسمها على بقايا المنازل التي دمرتها الحرب الاسرائيلية الأخيرة على القطاع الصيف الماضي. ورغم ان زيارة بانكسي، وهو أحد أبرز رموز فن الشارع، لغزة لم تكن معلنة، الا انها تركت بصمة برسوماته التي وثّقها بتسجيل فيديو بثّه على موقعه. ويُعتقد ان بانكسي بدأ نشاطه بالرسم على الجدران في العاصمة البريطانية، الا ان هويته الحقيقية تبقى محاطة بالكثير من الغموض والسرية. وبيع العديد من لوحات هذا الفنان الذي يتبنى دائماً في رسوماته قضايا سياسية واجتماعية، بمبالغ كبيرة في الماضي، رغم انه يرفض بيع رسوماته أو تلقيه مقابلاً مادياً عليها. وتظهر في بداية الفيديو طائرة مدنية تحلق في السماء تتبعها عبارة «اكتشف وجهة جديدة هذا العام، أهلاً بك في غزة». ثم يظهر شخصان يعتقد ان بانكسي أحدهما وهما يتشبثان بحبل يقودهما الى نفق مظلم، مصحوبا بعبارة ساخرة تقول: «بعيداً من الاماكن السياحية»، الى ان ينتهي هذا النفق ببوابة تفتح على مشهد لأطفال يلهون بين الدمار والركام في غزة. وتتنقل مشاهد الفيديو بين صور الدمار مصحوبة بعبارات لاذعة، مثل: «يراقبها جيران ودودين» (في اشارة الى اسرائيل)، كما يسلط على الجدار الفاصل ويكتب: «تقع (غزة) في مكان مميز، يحيطها الجدار من ثلاث جهات، ومن الرابعة طابور من رصاص الزوارق البحرية». كما ينتقد بانكسي اسرائيل والحصار المفروض على غزة، حيث يعلق بعبارة تظهر مصاحبة لصور اطفال بين الركام: «الناس هنا تحب المكان لدرجة انها لا تغادره أبداً»، لكن يلي ذلك مشهد لعدد من الجنود الاسرائيليين، ثم تظهر عبارة «لانه لا يسمح لهم (للناس) بذلك». وفي واحدة من لوحات عدة رسمها بانكسي على جدران منازل مهدمة، يظهر اطفال وهم يتأرجحون بسلاسل على برج مراقبة عسكري. وفي لوحة أخرى رسمها على الحائط الوحيد المتبقي من أحد المنازل التي دمرها القصف الاسرائيلي على بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، تبدو قطة مزينة بشريط وردي على رقبتها بينما تلعب بكرة من الاسلاك الحديد الشائكة. ويقول محمد الشنباري (29 عاماً) صاحب هذا المنزل: «الشخص الذي فعل ذلك لم يعرف عن نفسه، فقد رسمها وغادر». ويتابع: «هذه الصورة ستبقى كما هي للأبد، لن أبيعها حتى لو بنيت البيت مجدداً، لانها تاريخية وأزالت عني الهموم بعد تدمير المنزل». ويعبّر عن افتخاره ب «فنان عالمي شهير يأتي الى غزة ليرسم ويخدم القضية الفلسطينية». وبعد ان عرض بانكسي هذه اللوحة في الفيديو، كتب اسفلها عبارة: «هذه القطة تروي كل الكلمات». ويظهر ايضا في الفيديو رجل يقول: «القطة تفتقد المتعة هنا، لقد وجدت قطة تلعب بها، لكن ماذا عن اطفال غزة؟ ماذا عن اطفالنا؟». لكن هذه اللوحة تعرضت الى العبث في غزة، اذ يقول الفنان التشكيلي محمد الحاج: «طلب مني احدهم ان اقوم بتعديل ومسح بعض التشويه الذي حصل على الرسم من كتابات لآخرين. فعلت ما طلبوا مني، وانا لا اعرف ان اللوحة تعود لبانكسي». ويختتم بانكسي الفيديو بعبارة كتبها على احد الجدران في غزة تقول: «حين ننفض ايدينا من الصراع بين القوي والضعيف، فنحن ننحاز الى القوي ولا نقف على الحياد». وكان هذا الفنان قام بزيارة الاراضي الفلسطينية عام 2005 حيث رسم لوحات جدارية على الجدار الفاصل في الضفة، بينها صورة عند معبر قلنديا لطفلة تحمل بالونات وتطير معها.