حتل رسام الغرافيتي الشهير بانكسي طوال الشهر الجاري شوارع نيويورك في مشهد غير مسبوق يجعل محبي فن الشارع «ستريت آرت» يجوبون أرجاء المدينة. ووعد الفنان الإنكليزي الذي لا يعرف أحد بالتأكيد هويته الحقيقية بالكشف عن عمل جديد يومياً في مكان ما من المدينة الأميركية. رسومه الموهوبة المعروفة بطابعها الساخر ومغزاها السياسي جعلت منه رساماً شهيراً. وأخذت بعض هذه الرسوم عن الجدران التي رسمت عليها وبيعت في مزادات على بعد آلاف الكيلومترات من مكان إنجازها بمئات آلاف الدولارات. لكن العرض النيويوركي وهو بعنوان «بيتر آوت ذن إن» (أفضل في الخارج منه في الداخل) مجاني ومفتوح أمام الجميع شرط أن يصل الشخص إليه في الوقت المناسب. وينجز بانكسي رسمه سراً ويعلن عنه لاحقاً عبر الإنترنت. وينبغي عندها على محبي هذا الفن أن يهرعوا إلى المكان قبل أن يغطى الرسم بالطلاء أو أن يعمد فنانون منافسون إلى الرسم فوقه بعد ساعات قليلة على إنجازه. ويثير المشروع ضجة كبيرة عبر الإنترنت. رسمه الأول في إطار هذا العرض مثل طفلاً على ظهر طفل آخر يحاول التقاط بخاخ الطلاء الوارد على لوح حقيقي يؤكد أن الغرافيتي جريمة. وقد غطي الرسم بعد ذلك بطلاء ابيض. وتوضح الممثلة ليزا روو- بيدو التي أتت لرؤية الأعمال الثلاثة الأولى لرسام الغرافيتي أن «الأمر يثير الفضول. إنها بمثابة عملية مطاردة». وهي تريد رؤية كل الرسوم بحلول نهاية الشهر الحالي. ولهذا العرض النيويوركي حساب على إنستاغرام جذب في الأيام الثلاثة الأولى على إطلاقه نحو 30 ألف مشترك. وينشر موقع «بانكسي.كوم» أيضاً الأعمال الجديدة فيما يوجه حساب بانكسي نيويورك رسائل مشفرة عبر تويتر. وتضيف الممثلة: «الأمر رائع فعلاً. بانكسي مبدع جداً. العملية تفاعلية وهو يقول أشياء جميلة». يوم الخميس كان رسمه يمثل كلباً اسود يتبول على مخرج مياه لفرق الإطفاء مع عبارات «أنت تكملني» وقد جذب الكثير من الأشخاص من مراهقين وفنانين ومهنيين تهافتوا لالتقاط صور له. وقد التقطت صور لأشخاص وهم يداعبون رأس الكلب في الرسم. ويقول كين براون، صاحب مدونة عن فنون الشارع،: «بما انه معروف جداً فإن العملية ستنجح إلى أبعد الحدود في نيويورك». ويضيف: «أنا معجب به منذ فترة طويلة. اعتبر انه موهبة نادرة جداً»، معرباً عن خيبة أمله الكبيرة لأنه فوت عليه العمل الأول على احد جدران تشايناتاون الحي الصيني في المدينة. ويوضح: «انه يمتع بحس الدعابة ويمرر الكثير من الرسائل عبر عمله». ويمكن لمحبي بانكسي الحصول عبر رقم هاتف مجاني مكتوب على الأرض على تعليق مسجل متوافر أيضاً على موقع الفنان الإلكتروني. ويقول المعلق في التسجيل، بلهجمة أميركية: «هل تشاهدون احد اهم التحف الفنية في القرن الحادي والعشرين؟ إذا كانت هذه هي الحال فإنتم في المكان غير المناسب وينبغي أن تكونوا أمام رسم لكلب يتبول على مخرج مياه للإطفاء». ويقول الرسام البياني رونين وود (24 سنة) في حي تشيلسي: «منذ تخرجت في المدرسة الثانوية وأنا انتظر أن أرى رسماً حقيقياً له». وتمكن من ذلك على باب مرآب تحت جسر قديم للسكك الحديد حيث انجز بانكسي عمله الثاني الأربعاء الماضي. وكتب الفنان بالطلاء بأحرف سميكة «هذه لهجتي النيويوركية. فعادة اكتب هكذا» مستخدماً احرفاً اصغر بكثير. ويقول رونين وود إن «الأمر مضحك جداً»، مفسراً هذا الرسم على انه تحد لهذا الحي الذي يضم معارض فنية رائجة جداً.