لطالما أثارت أعمال الفنان البريطاني ""بانكسي"" جدلا لما تحمله من سخرية وغموض، لكن آخرها كان مختلفا، هذه المرة لم يكن ما قدمه رسما أو تمثال وإنما اضغط هنا مقطع فيديو. مقطع الفيديو الذي وضعه على موقع يوتيوب حصل على أكثر من 5 ملايين مشاهدة بعد أربعة أيام فقط من نشره. ولا يزال عداد المشاهدات في تزايد. الفيديو يظهر أشخاصا بزي مقاتلين إسلاميين يحاولون على ما يبدو إسقاط طائرة. ويصاحب الصور تلك تسجيل صوتي يبدو أنه مأخوذ من مقطع فيديو بثه المعارضون المسلحون السوريون على شبكة الانترنت لإحدى عملياتهم ضد طائرات الجيش السوري. وبعد تكبيرات وتهليلات، ينجح "المقاتلون" في اصابة الهدف لنكتشف لاحقاً أن ما اسقطوه كان عبارة عن الفيل "دمبو" الشخصية الكارتونية في فيلم من انتاج شركة ديزني. ويظهر "دمبو" وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة ويقف أمامه طفل صغير غاضب يقوم بركل الرجل الذي أطلق الصاروخ. ولم يوضح ""بانكسي"" ماذا كان يعني بمقطع الفيديو هذا ولا الرسالة التي أراد إيصالها. هذا الأمر فتح الباب أمام المشاهد لتحليل المقطع واستنباط الرسالة. وحاول بعض مستخدمي موقع يوتيوب عرض آرائهم، فمنهم من رأى أن الفيديو يتحدث عن موت براءة الأطفال خلال الصراعات ودفعهم ثمنا باهضا لما يفعله الكبار. وآخرون وجدوا أن "بانكسي" أراد إظهار تعطش الناس إلى مشاهدة مقاطع تحتوي على أعمال عنف وقتال ينتج عنها قتلى وجرحى. في حين أشار آخرون إلى أنه يهدف إلى اظهار إمكانية فبركة الأخبار. البداية اشتهر ""بانكسي"" قبل نحو 13 عاما عبر رسومات غرافيتي رسمها على جدران في مدينتي برستول ولندن. ففي عام 2002 رسم لوحة غرافيتي تصور ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية على هيئة شامبانزي ودعا إلى اقامة حفلة بالقرب منها حضرها لاحقا المئات. لكن الشرطة حذرت من اعتقال من ينظمون هذه حفلات إن أقيمت مرة أخرى. وأصدر ""بانكسي"" كتابا لأعماله بعنوان "إضرب رأسك بالجدار" وبيعت منه نحو 22 ألف نسخة فيما قيل إن بعض أعماله بيعت مقابل 10 آلاف جنيه إسترليني حينها. ويصر ""بانكسي"" على عدم عرض أعماله في المعارض والصالونات الفنية وقام بكتابة جملة "إحذر من القمامة" على أعتاب المعرض الوطني للفنون قبل حفل تسليم جوائز تيرنير للفنون. وفي عام 2003 أقام "بانكسي" معرضا فنيا خاصا في شرقي لندن يعرض رسومات وحيوانات حية منها خنازير بألوان زي الشرطة وأغنام صبغت بألوان ملابس السجناء، لكنه غادر معرضه قبل أن يصل الزوار. وفي عام 2005 تسلل "بانكسي" إلى المتحف البريطاني ووضع قطعة من الحجر مرسوم عليها رجل وهو يدفع عربة تسوق كتلك الموجودة في المحلات التجارية وأظهر الحجر وكأنه مأخوذ من أحد الكهوف يظهر رسومات الإنسان القديم. وقالت إحدى قيمات المتحف إن القطعة اكتشفت بعد يوم أو يومين من وضعها، لكن "بانكسي" قال إنها بقيت هناك لثلاثة أيام. ووسع من نطاق أعماله ووصلت إلى الضفة الغربية حيث وضع رسوماته على الجانب الفلسطيني من الجدار الأمني الإسرائيلي الذي يفصل المناطق الإسرائيلية عن الفلسطينية. ورسم ""بانكسي"" على الجدار صورة تمثل فتحة في الجدار تبين للمشاهد وكأن شاطئا جميلا خلف الجدار بالإضافة إلى لوحات غرافيتي أخرى. وفي عام 2006 عرض "بانكسي" عملا آخرا في منطقة سوهو بلندن وكان عبارة عن كابينة هاتف لندن الحمراء الشهيرة، ولكنها كانت ملقاة على الأرض وغرس فيها معول وقربها صباغ أحمر على الأرض يوحي وكأن الكابينة نزفت الدماء. وقال متحدث باسم شركة الاتصالات البريطانية – BT – إن "العمل تعليق مرئي حول كيف تحولت الشركة من شركة اتصالات قديمة إلى أخرى حديثة." وفي عام 2007 استمر "بانكسي" في اعماله الفنية وبيعت احدى لوحاته التي تصور أشخاصا كبارا في السن يدحرجون قنابل بدلا من كرات بولينغ وحققت 102 ألف جنيه استرليني. وبعدما بيعت اللوحة نشر "بانكسي" على موقعه الاليكتروني صورة لقاعة المزاد وكتب تحتها: "لا أصدق أيها الحمقى أنكم اشتريتم هذه القذارة." واستمر "بانكسي" في نشر أعماله الفنية في مناطق عدة في بريستول ونيويورك ولوس أنجليس ولندن. وفي منتصف هذا العام رسم "بانكسي" لوحة على حائط إحدى البنايات شمالي لندن سميت بالعامل العبد تظهر طفلاً وهو يعمل على خياطة العلم البريطاني. لكن اللوحة سرقت، أو بالأحرى تم اقتطاع جزء الجدار الذي رسمت عليه ليظهر لاحقا في مزاد في الولاياتالمتحدة، لكن العمل تم سحبه من المزاد بعد احتجاجات عدة. بيد ان قطعة الجدار مع الرسمة التي عليها ظهرت مرة أخرى في لندن وعرضت مقابل 900 ألف جنيه استرليني لكن لم يتم الكشف عن هوية مشتريها. واشتهرت أعمال "بانكسي" في المزادات العالمية وبيعت أعمال له في بيفرلي هيلز في الولاياتالمتحدة. نيويورك وفي هذا الشهر بدأ "بانكسي" رحلة في مدينة نيويوركالأمريكية تمتد شهراً. وظهرت أولى أعماله قبل أربعة أيام وكانت لوحة تصور طفلا يصعد على ظهر طفل آخر يحاول أخذ صورة رشاش صباغ من إشارة تحذيرية تقول بان الغرافيتي يعد جريمة. وظهرت رسومات أخرى ل"بانكسي" على جدران نيويورك بعدما وعد بعمل فني كل يوم طوال شهر أكتوبر/ تشرين الأول الحالي. وقام "بانكسي" بوضع رقم هاتف قرب بعض رسوماته الأخيرة يمكن للمشاهد الاتصال به ليستمع إلى تسجيل صوتي لرجل يتحدث عن اللوحة وما قد تعنيه، لكن لا يعرف إن كان المتحدث هو "بانكسي" نفسه ام لا. أعمال "بانكسي" تمتاز بالتهكم والسخرية من بعض جوانب الحياة والسياسة وتترك في غالب الأحيان الفرصة للمشاهد تفسير معانيها. معجبوا "بانكسي" كثر، وله أكثر من 17 ألف متابع لحسابه على موقع تويتر ومتابعيه على موقع إنستاغرام للصور تجاوزوا ال72 ألفا. ومع ذلك فان هوية "بانكسي" مازالت غامضة و لا يعرف كيف يبدو ذلك الفنان البريطاني الذي قد يوصف بالثائر والذي قال مرة: "البعض يحاول أن يجعل من العالم مكانا أفضل، أما أنا فأحاول جعله مكانا أجمل، فإن لم يعجبك رسمي، يمكنك مسحه." شاهد الفيديو