أكد رئيس هيئة الهلال الأحمر السعودي الأمير فيصل بن عبدالله، سعي «الهلال الأحمر» ووزارة الصحة لتوحيد «الناقل الإسعافي» على مستوى المملكة، مشيراً إلى أن «الهيئة» تعمل الآن على إيجاد فريق متخصص في الاستجابة للكوارث والطوارئ. وأوضح في حوار مع «الحياة» أن «الهيئة» تدرس مشروع «الإسعاف البحري»، متوقعاً بدء العمل في المشروع العام المقبل. وأعرب عن أسفه على أن مستشفيات ترفض كثيراً من الحالات الإسعافية. وتخوَّف من أن يستمر هذا الرفض حتى بعد تدشين مشروع «الإسعاف الطائر». وأكد ضرورة تشكيل لجنة من «الهلال الأحمر» ووزارة الصحة لمتابعة أقسام الطوارئ في المستشفيات الخاصة والحكومية، لأن بعضها يفتقد الإمكانات ولا يوجد فيها أبسط أنواع الأجهزة المخصصة لطب الطوارئ. وأضاف أن مشروع «الإسعاف الطائر» سيحل كثيراً من الإشكالات التي يعانيها الإسعاف الأرضي، لافتاً إلى أن «الهلال الأحمر» ستستعين ب 28 طائرة لهذا الغرض. وأبدى استغرابه من طريقة تخطيط الأحياء السكنية التي لا تخُصَّص فيها أراضٍ لإقامة مراكز للهلال الأحمر، على غرار بقية الأجهزة الحكومية، مشيراً إلى أنه حتى الآن لم تطرأ فكرة استحداث فرق نسائية إسعافية في ظل قلة الكوادر الرجالية. وفي ما يلي نص الحوار: نبدأ من الجدل الأخير بين هيئة الهلال الأحمر ومجلس الشورى و«حرب البيانات» التي استمرت أياماً عدة... كيف تنظرون إلى الانتقادات اللاذعة التي طاولت «الهيئة» من عضو مجلس الشورى الدكتور طلال بكري الذي اتهم خطط «الهيئة» بالعشوائية؟ - الحقيقة أن الانتقاد كان من عضو في المجلس وليس من المجلس نفسه، وهو ما فهمناه لاحقاً عندما برّأت إدارة المجلس ساحتها من الموضوع بصدور البيان الرسمي لها، وأكدت أن آراء العضو لا تمثلها، ولا أخفيك أننا كنا في البداية مستغربين تماماً من توجيه الانتقادات إلينا بهذه الطريقة، واعتبرنا أن هذا هو رأي المجلس الرسمي، واستغربنا كذلك طريقة الإسفاف في النقد وعدم انتقاء الألفاظ إلى حين اتضح لنا جلياً أن هذا لا يمثّل رأي المجلس ولا يقف المسؤولون في المجلس خلفه ولا نعرف ما الدوافع خلف هذا الشخص، ولا يوجد لدينا أدنى شك في أن مجلس الشورى نفسه هو الذي ساعدنا كثيراً وأيدنا ودعم الموازنة لمشاريع عدة منها «استحداث مشروع الإسعاف الطائر» وكذلك الدعم الذي أتى من اللجنة الصحية فيه، التي اجتمعنا معهم أكثر من مرة وطرحنا عليهم ملفات عدة وكانوا متفهمين جداً معنا، وبكل صدقية. لدينا في الهيئة شبه «لوم» على المجلس إذ يجب في حال طرح أي موضوع لأي جهة أن يكون ممثل الجهة حاضراً من أجل الدفاع عنها والرد عن استفساراتها، وأتمنى أن يكون هذا مستقبلاً، وأحب أن أؤكد أن كل الآراء مقبولة لدينا في «الهيئة»، ولكن يجب أن تكون منتقاة الألفاظ. أعلنتم تدشين مشروع «الإسعاف الطائر» الشهر المقبل... كيف تعولون على هذا المشروع الحديث في حل الإشكالات التي تعاني منها «الهيئة» في مباشرة الحالات الاسعافية وكسب الزمن؟ - المملكة شبه قارة فيها أكثر من 60 ألف كيلومتر من الطرق المعبدة، ولذلك كان لا بد من وجود خدمة «الإسعاف الطائر» للتقدم في الخدمة الإسعافية بشكل أفضل، ونحن الآن مقبِلون على نقلة بمجرد تدشين هذه الخدمة، وهذا المشروع لم يجرب سابقاً في المملكة ومهمته تختلف عن بقية مهمات القطاعات الأخرى وأيضاً مسألة هبوطه فسيتم في الطرق والخطوط السريعة، ونحن نعوّل عليه كثيراً، ولكن من دون مساندة بقية القطاعات لن ينجح هذا المشروع وأقصد القطاعات الأرضية التي تتداخل أعمالهم معنا في هذه المسألة، ويوجد تنسيق مع إدارات أمن الطرق لهذا الأمر، وهي بكل أمانة متحمسة للتعاون، وخلال هذا الأسبوع سننفذ أول فرضية للإسعاف الطائر مع أمن الطرق تليها فرضيات أخرى مفاجئة غير معلنة في محاولة ل«جس النبض» قبل أن يتم العمل به رسمياً. ومن دون شك سيحل هذا المشروع كثيراً من الإشكالات التي يعانيها الإسعاف الأرضي وسيختصر الزمن، وسنحاول نشر هذا الإسعاف للوصول إلى 28 طائرة كي تشمل الخدمة جميع مناطق المملكة. ماذا عن بدء العمل في مشروع «الإسعاف البحري»؟ - ندرس هذا الموضوع حالياً وبشكل جدي، ولدينا زيارة قريبة إلى تايوان للاطلاع على تجربتهم في إدارة الكوارث، نظراً إلى الزلازل والفيضانات التي حصلت لهم وتجربة قواربهم الإسعافية في ذلك، وسيكون لدينا في المملكة نوعين من القوارب، الأول قوارب إسعافية كاملة تُستخدم مثلاً في الجزر مثلاً من فرسان إلى جيزان والآخر هو إسعاف الشواطئ مثل ما يحدث من حالات غرق وإصابات، وهناك تنسيق سيكون مع سلاح الحدود ونتوقع أن يتم العمل في ذلك خلال العام المقبل ويبدأ تدريجياً في جدة والمنطقة الشرقية. ماذا عن توجهكم إلى بناء المزيد من المراكز الإسعافية، كون كثير من المدن الرئيسية تعاني من ندرة هذه المراكز؟ - نعاني في إيجاد مواقع للمراكز الإسعافية داخل المدن الرئيسية، ولدينا بنية تحتية جيدة حالياً، وندرس إنشاء المواقع بناءً على مدى توافر الأراضي لدينا. وبدأنا في التوجه لإيجاد مشروع الدعم الذاتي من خلال الفرق ذاتها التي لدينا وزيادة رواتب المرابطين لدينا بنسبة 25 في المئة، وهي خطوة ستزيد من الفرق الإسعافية في الرياض على سبيل المثال 50 في المئة تقريباً، وهذا حل موقت كما سنبدأ في ما بعد تعميمه تدريجياً على المدن الرئيسية التي تشهد تزايداً في أعداد السكان، ولدينا مناقصة لبناء 11 فرعاً رئيساً ل «الهيئة» وفي حدود 110 مراكز إسعافية بعضها منشأ سابقاً ومتهالك وبعضها جديد. ولدينا في بعض المدن مثل مكةالمكرمة والمدينة المنورة إشكالية في ارتفاع أسعار الأراضي، وما زلت مستغرباً جداً من تخطيط كل حي سكني وتوفير أراضٍ خدمية فيه لأجهزة وإدارات مثل الدفاع المدني والاتصالات والبريد والشرطة وعدم توفير أرض مخصصة للهلال الأحمر، ولذلك أتمنى من الجهات المسؤولة اعتماد موقع للهلال الأحمر في كل مخطط حديث. ألا تعتقدون أن مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار في الهلال الأحمر وإنشاء المراكز الإسعافية فكرة مجدية تعود بالنفع على الهيئة؟ - الفكرة هذه كانت مطروحة إلى حين أتى الدعم الكبير من الدولة لجهاز «الهيئة»، وحالياً نسعى نحن ووزارة الصحة لتوحيد «الناقل الإسعافي» على مستوى المملكة بحيث ننطلق من مراكز معينة يتم فيها دمج الإسعاف ليكون الناقل مقدم الخدمة واحداً فقط، وهذا سيجعلنا في حال انتشار كبير لنا ويسهل لنا الاستجابة ويضمن لنا والصحة عدم الازدواجية في العمل. متى سيبدأ ذلك؟ - لدينا اجتماع مع وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة بعد موسم الحج مباشرة، وسنبحث معه أمرين، أولهما الناقل الإسعافي، والآخر تحديد العقوبات التي وجّه بها المقام السامي ولم تجدول على الرافضين لاستقبال الحالات الإسعافية، سواء كانوا من المستشفيات الحكومية أم المستشفيات الخاصة، وهذه نعاني منها جداً، وكل رفض يأتينا من أي مستشفى نرفع مباشرة إلى وزارة الصحة لاتخاذ الإجراء اللازم، ونتمنى إيجاد عقوبات واضحة على المستشفيات، وأن تكون هناك مرونة من وزارة المالية، لأن المستشفيات الخاصة تتحجج بأن تأخر «المالية» في دفع تكاليف الحالات الإسعافية هو السبب في رفضها الحالات. وزارة الصحة كانت تعاني في إعداد الممرضين للعمل في المستشفيات ولذلك استقدمت آلاف الممرضين الأجانب... ما الذي يمنع «الهلال الأحمر» من أن تخطو خطوة وزارة الصحة لتسد النقص الذي تعاني منه؟ - من المعلوم أن لدينا عجزاً في العمل في الميدان، ومدينة الرياض وحدها فيها تقريباً 20 مركزاً إسعافياً، ويجب أن يكون فيها 74 مركزاً إسعافياً على الأقل، ولذلك فإن القلة والشح في الكوادر الوطنية هما ما سيجعلانا نتجه لاستقطاب الكوادر من الخارج، على رغم أن الدول الأوروبية تعاني من شح الكوادر المؤهلة فيها، وكذلك الوضع في الدول الآسيوية، وبحثنا أخيراً مع ماليزيا والفيليبين الاستعانة بكوادر منهم وانحصر توجهنا في استقطاب الأطباء والاختصاصيين والإسعافيين المتخصصين. واعتقد بأن إيجاد كلية أو أكاديمية متخصصة في طب الطوارئ سيجعل كثيراً من الشباب يدخلون فيها، لأن الشاب سيضمن دراسة متخصصة وتدريباً جيداً، وفي النهاية ستتوافر له وظيفة، ومع الآسف فإن معظم الشباب لا يستطيعون أن يدفعوا 80 ألف ريال للمعاهد والكليات الخاصة ليتموا برنامج دبلوم إسعافي، وأعتقد بأنه لو أنشئت الكلية أو الأكاديمية فمن الضروري أن يكون هناك تعاون مع صندوق تنمية الموارد البشرية لدعم الكلية والشباب السعودي. لماذا لا توقّعون اتفاقات مع الجامعات المحلية لإيجاد برامج متخصصة في العمل «الإسعافي» وضخ كوادر وطنية مؤهلة تسد النقص لديكم؟ - نحن نسير في هذا الاتجاه مع بعض الجامعات، وهناك شد وجذب في بعض النقاط، وأتوقع أن نصل معهم إلى حل نهائي إن لم يكن العام المقبل فهو خلال الشهرين المقبلين. ماذا عن إيجاد فرق نسائية في العمل الإسعافي لمباشرة الحالات النسائية؟ - الكل يعلم أن لدينا حالياً شحاً وقلةً في عدد المراكز فلو أريد أن أستحدث فرقاً نسائية فيجب أن يكون لديّ مراكز إسعافية مضاعفة للموجودة الآن، وسبق أن فكرنا في استحداث فرق نسائية للتوليد المنزلي ولا نزال نسير في هذا الاتجاه، لكن نريد أن تكون هذه الخطوة مبنية على أسس علمية مدروسة قبل الخوض فيها، أما مسألة مشاركة المرأة فلدينا القسم النسائي اختصاصه حتى الآن تقريباً يتركز على التوعية والإعلام والتدريب وعقدن كثيراً من الدورات وأصدقك القول أنه حتى الآن لم تطرأ لنا فكرة استحداث فرق نسائية إسعافية، لأننا لا نزال في حاجة إلى الفرق الرجالية. يتردد أن وزارة الصحة ممثلة في مستشفياتها الحكومية ترفض الكثير من الحالات الإسعافية اليومية التي ترِدها من الهلال الأحمر، ما يجعل المريض يدفع الثمن... ما مدى صحة ذلك؟ - للأسف ترفض المستشفيات كثيراً من الحالات الإسعافية، والمخيف جداً أن يستمر هذا الرفض حتى بعد تدشين مشروع «الإسعاف الطائر»، لأن هذا سيصبح كارثة، ولذلك لا بد من أن نفعّل الأمر السامي، وكثير من حالات الرفض تحصل ولا تثار إعلامياً ويلوم المريض وذووه «الهلال الأحمر» بأنه ابتعد ونقل المريض إلى مستشفى آخر بعيد عن مكان الحادثة وهم لا يعلمون أن هذا المستشفى يرفض الحالة. وبعض المستشفيات مع كل أسف لا تكتفي بالرفض، وإنما تطلب منا ألا نجلب لها أي حالة إسعافية مهما كانت خطورتها، والآن أصبح ضرورياً تشكيل لجنة بين الهلال الأحمر ووزارة الصحة لمراقبة ومتابعة أقسام الطوارئ في المستشفيات، سواء الخاصة أم الحكومية، لأن بعضها يفتقد الإمكانات، ولا يوجد فيها أبسط أنواع الأجهزة المخصصة لطب الطوارئ، ومعظمها يفتقد حتى الأوكسجين والأشعة، وهناك مستشفيات تضع طبيب المسالك بولية طبيباً عاماً للطوارئ. جزء كبير من عمل هيئة الهلال الأحمر يتمثل في العمل الإغاثي والعمل في الدول المنكوبة من الزلازل والفيضانات.. ما مدى سرعة استجابتكم لمثل هذه النداءات ومستوى تعاملكم معها؟ - نسعى الآن لإيجاد فريق مؤهل ومدرب متخصص في الاستجابة للكوارث والطوارئ مهيأ لأي حالة طارئة تحدث، ونصل إلى أنه عندما يصدر الأمر السامي تكون طائرة الإغاثة أقلعت مباشرة للبلد المنكوب وعلى متنها فريق بحث وإنقاذ وأجهزة إسعافية متقدمة وفيها أيضاً فريق متخصص يدرس الاحتياجات الفعلية للبلد المنكوب، وخلال 12 ساعة من الوصول يكون لدينا تقويم وملف كامل عن حاجة هذا البلد لنوفر له الاحتياجات اللازمة. والآن نبحث في أن تكون لدينا خطة حديثة في دارفور على سبيل المثال تختلف عن السابق، ونبحث أن يعتمد الناس على أنفسهم من أجل بناء الإنسان نفسه ليستمر في الحياة كما أن هناك تصميماً لنا لأن تكون لدينا بنية تحتية واسعة ومخزن خاص للغذاء الاستراتيجي في الفاشر ونيالا وجنينة. ماذا عن استعدادات «الهلال الأحمر» لتقديم خدماتها في موسم الحج؟ - نحن مثل القطاعات الأخرى نبدأ الاستعداد منذ نهاية الموسم الماضي، كي نتفادى السلبيات، وسنكثف هذا العام التوعية والفرق الاستجابة المتقدمة، وهناك سيارات إسعافية صغيرة و30 فرقة إسعافية أخرى بدراجات نارية ستشارك في تقديم الخدمة الإسعافية في هذا الموسم. إلى أين وصلتم في تسيير الحملات الإنسانية التي أعلنتموها أخيراً لإيصال ذوي المعتقلين السعوديين في أفغانستان والعراق بأبنائهم؟ ومتى ستبدؤون التحرك؟ - إن كثيراً من العائلات السعودية - ولله الحمد - بدأت تتقدم بطلبات رسميةً لنا لزيارة أبنائهم المعتقلين في هذين البلدين، وهذا الأمر يخضع حالياً لإجراءات رسمية الآن، وهي في مراحلها النهائية، ومن الممكن القول أننا انتهينا بما نسبته 90 في المئة لتسيير هذه الحملات، وأخذنا الموافقة لزيارة 12 معتقلاً تقريباً، وسيرافقنا 5 أشخاص من ذوي كل معتقل وستتحمل «الهيئة» كلفة الزيارة، ونأمل في إيجاد تفاعل أكبر من ذوي المعتقلين وسرعتهم في إنهاء الإجراءات. ولدى بعض العائلات السعودية حال من التردد في اتخاذ القرار، ولا سيما في زيارة العراق التي تشهد أوضاعاً أمنية سيئة، مع العلم أننا هيئة مستقلة نعمل مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وندعو عبر «الحياة» كل من لديه شخص معتقل في أفغانستان أو العراق إلى الإسراع في تقديم الأوراق المطلوبة لاستكمال الإجراءات اللازمة.