لا تزال سوق «الخوبة» الشعبية، التي عرفت منذ أكثر من 100 عام في مدينة الحارث الحدودية مع اليمن، موصدة لأبوابها للأسبوع الثاني على التوالي في ما يعتبر طارئاً يحدث للمرة الأولى في عمرها الطويل. وتبعد السوق كيلومترات قليلة من أسفل الجبال، التي تشهد مواجهات حالياً بين الجيش السعودي والجماعات المتسللة «المسلحة»، إلى الجوار من مركز خلب الحدودي، ويرتحل لها التجار من اليمن بواسطة الحمير، لنقل تجارتهم المتواضعة صباح كل خميس إلى وقت الغروب، وتتنوع تجارتهم بين المسموح والممنوع. وبحسب عدد من المسنين من سكان جازان الذين تحدثوا ل«الحياة»، فإن البضاعة التي تغلب على السوق الشعبية تتمثل في بيع الصقور والطيور بأنواعها، وكذلك الثعابين والعقارب والأرانب والغزلان والمها العربي والماعز وغيرها من الدواب. كما يعرض التجار اليمنيون تجارتهم من القهوة العربية اليمنية الشهيرة، وكذلك المصنوعات اليدوية المعدنية والخناجر العدنية الأصيلة المرصعة بالفضة والذهب. ويقول المواطن أحمد هاملي في حديث ل«الحياة» أمس، إن السوق التي كانت تشهد حركة كبيرة من الزوار تتجاوز 5 آلاف زائر يومياً، وكانت فيها حركة اقتصادية تتجاوز نصف مليون ريال، يتم تدويرها صباح كل يوم خميس، أصبحت اليوم مقفلة للأسبوع الثاني على التوالي بفعل الأحداث، التي تشهدها الخوبة التي تضم بداخلها موقع السوق الآثرية، كما أن المنطقة بكاملها أصبح ممنوعاً التجول فيها. ويقصد السوق ذوو البضاعة الفريدة والغريبة وزوار من كل مناطق المملكة، بل إن كثيراً من السياح من دول الخليج العربي يجدون ضالتهم في هذه السوق شبه الحرة، التي تعرض البضائع اليمنية والسعودية، لشراء أنواع نادرة من الصقور والطيور والحيوانات والنباتات، إضافة إلى الكثير من المقتنيات التراثية المتنوعة. ولا يستطيع مرتادو السوق تجاهل النباتات العطرية، مثل الكادي والبعيثران والفل البلدي بأنواعه، التي تستقبلهم رائحتها الزكية عند مدخل السوق، كما يباع عدد من الفواكه الجبلية النادرة، مثل الموز البلدي والعنب والمانجو والفركس. ولم يمنع وجود الكائنات الحية بمشاربها المختلفة الأزياء الشعبية من الحضور في السوق الشعبية، إذ تُرى المصانف والمقاطب والألحفة، وهي ما يتوقف كثير من الزوار أمامها، إضافة إلى المصنوعات الخزفية ذات التطريزات والأشكال الهندسية الجميلة، كالمظلات والكوفيات والأواني الفخارية.