في الوقت الذي كانت فيه الصين تكمل تجاربها الأولية والسريرية الخاصة بلقاح «H1 N1»، كان منتج طبي صيني آخر، لا علاقة له ب «أنفلونزا الخنازير»، يثير الجدل في المغرب ومصر وسورية «إعلامياً»، وربما في بقية الدول العربية «اجتماعياً» ودينياً، وكان أكثر من زميل وزميلة في الصحف السعودية ناقشوا في أعمدتهم الجدل في شأن هذا المنتج. ويُزعم أن الوزير المفوض ونائب السفير الصيني في القاهرة «وان كه جيان» قال في تصريحات إن هذا المنتج مجهول المصدر ومستورد عن طريق شركة في مقاطعة «غواندونغ» جنوب الصين، غير مسجلة في الصين أو خارجها، وأضاف وان كه جيان: «أن السفارة الصينية في القاهرة طلبت من حكومتها في بكين التحقيق مع الشركة الموردة لهذا المنتج، ومطاردة عملائها من الصينيين والأجانب الذين تسببوا في الإساءة لمشاعر الصينيين والشعوب الإسلامية»، وأشار الى أن الولاياتالمتحدة واليابان أول من أنتجتا منتجاً مماثلاً من هذا النوع، وكانت سفارات الصين في مصر وبعض الدول العربية واجهت انتقادات بعد البدء في ترويج هذا المنتج، واحتفظت بالصمت التام حتى أصبح الأمر قضية اجتماعية ودينية تهدد العلاقات الإسلامية الصينية، ونشرت الصحف الأميركية والإذاعات الهولندية والبريطانية تقارير عن تصاعد موجات الغضب الإسلامية ضد الصين بعد طرح هذا المنتج. وبغض النظر إذا كانت هذه التصريحات صحيحة أم لا، فإن عميد كلية أصول الدين سابقاً بجامعة الأزهر عبد المعطي بيومي اعتبر حكم من يستورد هذا المنتج كحكم المفسدين في الأرض. هذا المنتج للاستعمال النسائي، بل هو مخصص للاستخدام في «أول ليلة زواج» - مجازاً. ما يحققه المنتج لمستخدمته هو إخفاء سر (لو تعلمون عظيم). وتقول تقارير أن عبارة «سرك المفزع يختفي للأبد» استخدمت إلى جانب عبارات أخرى لترويج هذا المنتج، واستخدمت أيضاً عبارة «ب 15 دولاراً فقط». ويقال إن المنتج عانى ركوداً في بلد منشئه. ومن المتضررين اقتصادياً في حال رواج هذا المنتج الأطباء الذين طالما احتكروا «إخفاء هذا السر العظيم» أو محوه موقتاً على الأقل، بأسعار يحكمها ضعف المرأة ومدى فزعها من تبعات اكتشاف هذا السر. لا أحكي هنا عن منتج يمثل لغزاً أو سراً، فالصحف والكتاب الزملاء، حتى في السعودية، كتبوا عنه بكل وضوح، وأدلوا بآرائهم التي نحترمها حتى لو اختلفنا معها. لكني آثرت الحديث عنه بهذه الطريقة «لغرض في نفس يعقوب». قال البعض إن وجود مثل هذا المنتج في مجتمعاتنا سراً أو علناً يؤدي إلى انتشار الرذيلة و في المجتمع، وحجتهم في ذلك أن البنت ستضمن إخفاء السر المفزع الذي له علاقة بشرفها وبالتالي – برأيهم - سيسهل ذلك الانحراف لكثيرات! وهناك من انبرى يُعلم الرجال كيف يكتشفون مدى حقيقة استخدام زوجاتهم لهذا المنتج! السر المفزع برأي من شغلهم هذا المنتج، يكشف شرف وصلاح المرأة، ويتعلق بمفهوم التضليل والتدليس والغش والخداع! كل ذلك وسواه مما كتب عن هذا «المنتج الطبي» يطرح لدي كماً من الأسئلة قد تبدو لأحد غير مرتبطة: هل يمكن الصين المقبلة بقوة اقتصادياً وطبياً وعلمياً، أن تخترع منتجاً طبياً يضمن «صلاح» المرأة (الزوجة) والرجل (الزوج)، على المستوى الأخلاقي، إلى الأبد؟! هل يمكنهم اختراع منتج يُخفي جرم الغش والتدليس الشائع في مجتمعاتنا وبين معظم البشر، على جميع الأًصعدة؟! هل يمكنهم اختراع منتج طبي، يكشف الخيانة الزوجية أو يُخفيها؟! يكشف الكذب أو يخفيه؟! يكشف الحب أو يخفيه؟! يكشف الحقد أو يخفيه؟! يكشف الطمع أو يخفيه؟... من قال إن انكشاف سر يكشف الحقيقة؟! (وعلم الإنسان ما لم يعلم). [email protected]