لوحظ في الأيام الماضية تحرك مصري لافت إزاء دول حوض النيل، في أعقاب خلافات تفجّرت فجأة حول حصة مصر من مياه النهر والتي تُطالب دول المنبع بتقليصها في حين تتمسك مصر والسودان (وهما دولتا المصب) بالحفاظ على حصتيهما كما هي. واستدعت هذه الخلافات الجديدة تدخلاً من الرئيس المصري حسني مبارك الذي بحث هذا الملف مع زعماء دول في حوض النيل. إذ استقبل أمس نائب رئيس بوروندي جبريل فيتشزيراني في أعقاب لقائه أول من أمس بالرئيس التنزاني جاكايا كيكوتي. وكان مبارك عقد قمة قبل أيام مع رئيس رواندا بول كاجامي. وتناولت الاتصالات المصرية الوضع في منطقة البحيرات العظمى وتأثيره على منابع النيل وتعزيز التعاون مع دول حوض النيل وتطورات «الاتفاق الإطاري» بين دول الحوض التي تلقت وعوداً مصرية بإقامة مشاريع استثمارية فيها برؤوس أموال مصرية ومدها بخبرات فنية. ولم يتوصل وزراء المياه في دول حوض النيل قبل شهرين إلى اتفاق حول تقسيم المياه، إذ أصرت مصر والسودان على رفض توقيع «اتفاق إطاري» بسبب تجاهله حصة الدولتين التاريخية في المياه باعتبارهما دولتي المصب، ما أدى إلى إرجاء التوقيع على الاتفاق لمدة ستة شهور لإجراء مزيد من التشاور حول النقاط الخلافية. وتبدي مصر حرصاً شديداً على حصتها من مياه نهر النيل ويؤكد المسؤولون أن تلك الحصة البالغة 55.5 بليون متر «خط أحمر» لا يقبل المواربات خصوصاً مع تأكيد خبراء أن البلد الذي يعيش غالبية سكانه على ضفاف النيل دخل مرحلة الشح المائي نتيجة الإسراف في استخدام المياه. واعتمدت القاهرة أخيراً سياسة ربط دول حوض النيل معها بمصالح اقتصادية من أجل ضمان عدم الإخلال بحصتها من المياه وسط حديث عن تدخلات خارجية خصوصاً من إسرائيل للضغط على هذه الدول من أجل «مناكفة» مصر بخصوص حصتها من مياه النهر. ولهذا الغرض، زار وفد حكومي مصري ترأسه وزيرة التعاون الدولي فايزة أبو النجا ويضم عدداً من كبار رجال الأعمال، إثيوبيا - أهم دول المنبع - للاطلاع على المشاريع التي يمكن لرجال الأعمال المصريين الاستثمار فيها. واشتكى مسؤولون إثيوبيون لنظرائهم المصريين من تعامل مصر مع دول حوض النيل من منطلق المصالح المائية فقط وأكدوا أن أسواق هذه الدول لا تزال بكراً ويمكن لمصر أن تتقدم لملء الفراغ فيها. وينتظر أن يزور رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف إثيوبيا قريباً. وأكد الرئيس مبارك لنائب رئيس بوروندي حرص مصر على دعم التعاون بين البلدين في المجالات كافة. وقال نائب رئيس بوروندي إن مبارك استجاب رغبة بلاده في مدها بخبراء مصريين في مجالات الطاقة والزراعة والسياحة لتنفيذ برامج تنموية وإصلاحية. وكان مبارك بحث مع رئيس تنزانيا أول من أمس توسيع نطاق التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري ومشاركة الشركات المصرية في إقامة عدد من المشاريع التنموية في تنزانيا تشمل مشاريع البنية التحتية من محطات مياه الشرب والصرف الصحي وتوليد الكهرباء وإقامة المدارس والمستشفيات ومشاريع تنموية. كذلك نظم مسؤولون مصريون جولات لرئيس رواندا بول كاجامي في مشاريع مهمة عدة حيث التقى رجال أعمال ومستثمرين. ومن المنتظر أيضاً أن يزور وزير الاستثمار المصري محمود محي الدين أوغندا قريباً على رأس وفد يضم ممثلين عن بنوك الاستثمار وشركات قطاع الأعمال وشركات القطاع الخاص للتعرف الى الفرص المتاحة للاستثمار فيها.