شهدت العاصمة السعودية (الرياض) حراكاً سياسياً نشطاً على مدى اليومين الماضيين، بدأتها الكويت بزيارة من أميرها الشيخ صباح الصباح الذي عقد جلسة محادثات مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، تناولت الأوضاع في المنطقة، خصوصاً في ظل التدهور الأمني الحاصل في اليمن، ومدى تأثيره في الأمن والاستقرار الإقليمي. وتلت القمة السعودية – الكويتية التي عقدت في ال15 من شباط (فبراير) الجاري، قمة سعودية – إماراتية جمعت بين خادم الحرمين الشريفين وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد في 16 من الشهر ذاته، تناولت العلاقات بين البلدين، إضافة إلى مجمل الأحداث في المنطقة، قبل أن تختتم هذه اللقاءات بلقاء قمة أمس (الثلثاء) جمع بين الملك سلمان بن عبدالعزيز وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، تناول في مجمله الملفات ذاتها، إضافة إلى – بحسب مصادر- زيادة التنسيق لتوحيد المواقف تجاه أزمة اليمن ومواجهة خطر تمدد تنظيم داعش الإرهابي، والأمن والاستقرار الإقليمي والعربي. المحلل والكاتب السياسي القطري جابر الحرمي قال ل«الحياة» إن «زيارة الشيخ تميم بن حمد إلى الرياض أمس تأتي في إطار التشاور مع القيادة في السعودية، خصوصاً في ظل المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة، والتي هي بحاجة إلى تكثيف التواصل والتشاور بين القادة في دول مجلس التعاون». وأضاف أن «المنطقة اليوم بحاجة إلى إعادة التوازن، والدور السعودي هو صمام الأمان لإعادة هذا التوازن، ومنع المنطقة من الانزلاق نحو المزيد من التشتت والتناحر، وفي جميع الملفات، فإن السعودية هي القائدة، وهي التي لديها القدرة على إدارة هذه الملفات والتوصل لحلول تقود إلى استقرار المنطقة والعيش بأمن وسلام بين شعوبها». وحول العلاقات السعودية – القطرية، قال الحرمي: «إن العلاقات بين البلدين تاريخية ومتجذرة ليس فقط بين الشعبين، إنما حتى بين الأسرتين الحاكمتين في البلدين، وهي أكبر من كونها علاقات ديبلوماسية تقليدية، بل تتجاوز ذلك نحو علاقات نوعية ومتفردة»، مشيراً إلى أن «أزمة اليمن المتصاعدة، والوضع في ليبيا وسورية والعراق والعلاقات مع مصر، كلها بحاجة إلى بحث وتشاور حيالها، ومن المؤكد أنها كانت حاضرة في المحادثات الرسمية التي أجراها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في الرياض أمس». وأضاف: «لا يجب أن ننسى هنا أن ولي ولي العهد النائب الثاني وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف كانت الدوحة محطته الأولى في جولاته الخارجية بعد مبايعته، ما يدل على أهمية العلاقات بين البلدين»، مشدداً على أن «مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية مطلوب منه مزيد من التواصل والتشاور لتعزيز مسيرته والوقف صفاً واحداً أمام التحديات التي تواجه المجلس». فيما أوضح وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش، في تغريدات له على حسابه في موقع «تويتر»، أن الزيارات الخليجية إلى الرياض طوال الأيام الماضية هي ل«الحفاظ على البيت الخليجي وتعزيزه وسط الرياح العاتية»، موضحاً أن الملك سلمان بن عبدالعزيز «إيجابي ومشجع، خصوصاً أن الهمّ واحد والرؤية مشتركة». وشدد قرقاش على أهمية «الدور السعودي الرائد للحفاظ على استقرار المنطقة وسط تحديات غير مسبوقة»، مؤكداً أن «الرياض هي العمود الفقري لخليجنا العربي». ... التنسيق لزيادة الاتفاق الخليجي حول قضايا المنطقة يبدو في سياق الأحداث التناغم بين المواقف في دول الخليج، واتفاقها على ضرورة مواجهة التطورات الحاصلة في اليمن، ورفضها «المطلق» لسيطرة الحوثيين على مقاليد الحكم في صنعاء، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية القطرية خالد العطية خلال كلمته التي ألقاها في الاجتماع الاستثنائي للمجلس الوزاري الخليجي الذي شهدته الرياض في ال14 من فبراير الجاري وقال فيها: «إن اليمن يواجه تحديات هي الأخطر منذ اندلاع الثورة اليمنية في 2011 بسبب التحولات عميقة الأثر التي حدثت خلال الأسابيع الماضية، والتي تفرض علينا مسؤوليات تستدعي التحرك العاجل لمساعدة الشعب اليمني في تجنب مخاطر الانزلاق نحو الفوضى أو الاقتتال الداخلي وتهديد وحدته وسلامة أراضيه». وأكد «أن المشهد الراهن في اليمن يطرح العديد من الاحتمالات التي من المهم إزاءها أن تدرك كل الأطراف اليمنية أن عدم استقرار الأوضاع واستمرار الأزمات والتخلي عن الشرعية وغياب سيادة القانون وعمليات الإقصاء ستهيئ المناخ وتكرس لتنامي العنف وتهدد وحدة اليمن، وستنسحب تداعيات ذلك على الاستقرار والأمن في بقية المنطقة بل والعالم بأسرة»، داعياً المجتمع الدولي، خصوصاً مجلس الأمن الدولي إلى «عدم التقاعس في اتخاذ الإجراءات والقرارات اللازمة لوضع حد للإجراءات غير الشرعية التي تم اتخاذها في اليمن، والعمل على تنفيذ إرادة الشعب اليمني وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني». الأوضاع المضطربة في اليمن لم تكن وحدها الحاضرة بقوة في أجندة اجتماعات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بأمير الكويت الشيخ صباح الصباح وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، بل أوضحت مصادر أن هذه الاجتماعات تناولت زيادة التنسيق لمواجهة خطر تمدد «داعش»، خصوصاً بعد زيادة تمدده في دول عدة بالمنطقة، فيما أشار مراقبون إلى أن المحادثات بين دول الخليج، خصوصاً بين السعودية وقطر من المرجح أنها تناولت مدى التزام الأخيرة باتفاق الرياض التكميلي بشأن المصالحة القطرية – المصرية، والذي تم توقيعه في ال16 من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وأعلنت خلاله كل من السعودية والإمارات والبحرين عودة سفرائها إلى قطر، بعد نحو ثمانية أشهر من سحبهم من الدوحة.