ظل الغموض السمة البارزة في انتقادات أعضاء مجلس الشورى لأداء المؤسسة العامة للتقاعد، مشددين على ضرورة تعديل نظام التقاعد المدني الذي مضى عليه 43 عاماً بشكل كامل، مشيرين إلى أن معظم المتقاعدين محرومون، ويعانون بسبب هذا النظام الذي لا يحقق لهم العدالة الاجتماعية. وقبل أن يتهم العضو الدكتور خضر القرشي المؤسسة ب«الكذب» في ما قالته عن نسبة الراضين عن أدائها، قال إن المجلس كلما حاول تغيير النظام قدّموا «فزاعة» الدراسات الإكتوارية، متسائلاً بصوت عالٍ: «لماذا لم نرَ في المجلس نظام المؤسسة الجديد، وما ذُكِر عن وجود 13 دراسة إكتوارية قامت بها المؤسسة على مدى 10 أعوام.. أرونا ما لديكم لتطمئن قلوبنا». وشكك القرشي في نسبة الرضا الواردة في تقرير المؤسسة السنوي، والبالغة 87 في المئة، بسبب أن أفراد عينة البحث لا يتجاوز عددهم 5 آلاف مواطن فقط، مضيفاً: «وهذه نسبة يمكن اختيارها والتلاعب بنتيجتها». ولم يكن القرشي الوحيد - في جلسة الشورى أمس - الذي طالب بإعادة النظر في نظام مؤسسة التقاعد، وتخفيف معاناة المواطنين من شح المعاشات، أو حرمان الأبناء منها في حالة وفاة الوالدين، إلا أنه كان الأبلغ طرحاً، إذ استخدم في مداخلته مفردات بسيطة بعيدة عن الكلام المنمّق، في معرض تأييده لمقترحين تقدم بهما أعضاء في المجلس لتعديل نظام التقاعد الحالي. وأعاد القرشي للأذهان تجربة مماثلة لتعديلات في نظام التقاعد تقدّمت بها مجموعة سابقة من أعضاء الشورى في عام 1426ه، اختفت التعديلات بعد ذلك بشكل مريب، خصوصاً وأن المجلس وافق حينها على ملاءمتها للدراسة. لافتاً إلى أن مؤسسة التقاعد منذ ذلك الحين وهي تذكّر في كل تقاريرها السنوية بوجود نظام جديد قيد الدرس، إضافة إلى أنهم يرددون في التقارير قيامهم ب13 دراسة اكتوارية تدفع للتنبؤ بإفلاس صناديق التقاعد مستقبلاً. واستطرد القرشي ساخراً، بالقول: «يخوفوننا بفزاعة الدراسات الإكتوارية، ولم نرَ منها شيئاً، يجب أن يعملوا على زيادة استثماراتهم عوضاً عن ذلك»، واصفاً تعثر صدور هذا النظام ب«الولادة المتعسرة». وعند سؤال «الحياة» للقرشي عن المسؤول عن هذا التعثر، أجاب: «لا أعرف من المسؤول، نحن نقوم بعملنا، صناديق التقاعد يستفيد منها الناس، ودورنا يكمن في المحافظة عليها، وللمحافظة عليها لابد من معرفة ما فيها، نريد أن نرى دراساتهم واستثماراتهم»، مستدلاً بقصة إبراهيم عليه السلام مع ربه حين طلب أن يريه كيف يُحيّ الموتى كي يطمئن قلبه. وعن السيناريوهات المحتملة لمصير التغييرات المقترحة على نظام التقاعد، ومنها رفع الحد الأدنى للمعاشات التقاعدية، أوضح القرشي أن النظام يجبر مؤسسة التقاعد على تقديم تفسير مقنع للجنة الشورية المكلفة بدرس مقترحات التعديل، فإما أن يطلعوهم على النظام الجديد الذين يزعمون، وإما أن تمضي اللجنة في تقديم التعديلات اللازمة لإقرارها في الشورى. وتمنى ألا تكون التعديلات المقترحة مثل سابقتها قبل 10 أعوام، مطالباً بالنظر في النظام كتلة واحدة عوضاً عن تعديله، وكأنه «لعبة ضومنة» – على حد وصفه، قبل أن يختم مداخلته بذكر حالات لمواطنين يعانون سلب حقوقهم من المعاشات التقاعدية، وأنه أمر لا يجب السكوت عليه – بحسب تعبيره. وفي السياق ذاته، أبدت العضوتان حياة سندي وسلوى الهزاع اعتراضهما على أحد المقترحات المطالب بخفض سن التقاعد إلى 55 عاماً، لأنه يحرم المرأة من فرصة تقلد مناصب قيادية. واعتبرت العضوتان هذا المقترح إجحافاً في حق الطبيبات على وجه الخصوص، ما دعا العضوين أحمد الزيلعي وخضر القرشي إلى تأييدهن، وأنهما لا يرون فرقاً بين النساء والرجال. وأضاف الزيلعي :لا أرى أن يكون التشريع للرجال مختلفاً عن التشريع للنساء». اللغة العربية «تسقط».. لضعف نظامها! لم ينجح العروبيون من أعضاء مجلس الشورى السعودي في الدفاع عن نظام لحماية اللغة العربية، بعد أن سقط مدوياً جراء تهلهل مواده وضعفها قانونياً، ما يصعب تطبيقها على أرض الواقع - بحسب الدكتور عبدالله الجغيمان، والذي سخر من العقوبات الواردة في النظام لمن يخالف بنوده، والبالغة 1000 ريال. وتعددت مبررات أعضاء الشورى عن أهمية وجود نظام يحمي اللغة العربية، ومنها ما قاله الدكتور عبدالله الفيفي عن طلاب جامعته: «بعضهم لا يكادون يكتبون أو ينطقون بها (يعني اللغة العربية) من دون لحن»، فيما استعرض الدكتور سلطان السلطان رحلاته من الأندلس إلى المشرق لضرورة نشر اللغة. ومع كل المحاولات اليائسة لتأييد اللغة، إلا أنه سقط النظام، ولم ينجح العضوان الدكتور راشد الكثيري والدكتور سالم القحطاني في أن يقنعا رئيس الجلسة الدكتور محمد الجفري بأن يعدُل المجلس عن رأيه، وأن يعيد النظام للمزيد من الدراسة، لكي لا يقال عن الشوريين في الإعلام بأنهم لا يريدون حماية اللغة – على حد قولهما. وبلغة هادئة، ردّ الجفري على العضوين بأن نظام عمل المجلس يكفل حق الاعتراض على التصويت لاحقاً، مذكّراً بأن النظام وُلِد في المجلس، ولن ينتقد أحد آلية عمله.