شهدت جنازة الرئيس السابق لمجلس الأمة الجزائري بشير بومعزة أمس، ما يشبه «مصالحة» بين الحكومة وأعتى خصوم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة رئيس الوزراء السابق علي بن فليس الذي تبادل خلال التشييع أحاديث ودية مع قريبين من الرئاسة، بعد غياب طويل من المشهد السياسي. وشيع بومعزة الذي توفي الجمعة الماضي في سويسرا عن عمر يناهز 82 عاماً بعد مرض عضال، إلى مثواه الأخير في مقبرة العالية في العاصمة الجزائرية. وفتحت الجنازة حسابات قديمة بين سياسيين مع ظهور لافت لابن فليس الذي تبادل التحية مع مدير الحملة الانتخابية لبوتفليقة الوزير عبدالمالك سلال، رغم «الخصومة» التي خلفتها بينهما الانتخابات الرئاسية التي خاضها بن فليس في العام 2004. وحضر الجنازة الشقيق الأصغر للرئيس السعيد بوتفليقة والوزير الأول أحمد أويحيى، ورئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح ورئيس المجلس الشعبي الوطني (البرلمان) عبدالعزيز زياري، وأعضاء الحكومة. ولفت حضور بن فليس انتباه الحضور، حين وصل إلى المقبرة قبل الجميع وغادرها قبل الجميع أيضاً. واعتزل بن فليس الذي يعتبره أقطاب الحكومة «أشد خصوم» بوتفليقة، الحياة السياسية وابتعد عن الأضواء، بعد خسارته رئاسيات العام 2004، وقبلها خسارته الأمانة العامة لحزب «جبهة التحرير الوطني» الحاكم بعد انشقاق واسع سمي حينها «الحركة التصحيحية». وحين سألت «الحياة» بن فليس أمس عن سبب غيابه، أجاب: «مرحباً بكم لتناول الشاي، أما التصريحات الصحافية فولى زمنها». ووجد الوزير سلال الذي أدار حملتي بوتفليقة في رئاسيات 2004 ثم 2009، نفسه وجهاً لوجه مع بن فليس الذي كان يقف في زاوية بعيدة عن الحاضرين، فتقدم وبادله التحية، ثم غادر مسرعاً برفقة مالكي عز الدين، وهو قيادي في «التجمع الوطني الديموقراطي» الذي يرأسه الوزير الأول. وحين هم بن فليس بمغادرة المقبرة فور الانتهاء من سماع كلمة التأبين التي ألقاها وزير المجاهدين الشريف عباس، التقى مرة ثانية وزير الدفاع السابق خالد نزار الذي وصل متأخراً. وشوهد الرجلان يتبادلان الحديث في حميمية، ليلتقي بهما وزير البيئة وتهيئة الإقليم والسياحة شريف رحماني، في شكل أوحى ب «صلح» مع أوجه النظام. وكثيراً ما تردد في صالونات السياسة قبل رئاسيات 2004 أن نزار كان يدعم بن فليس، لكن الوزير السابق نفى ذلك مع مرور الوقت.