تواجه الممثلة المغربية فاطمة خير ذات الشهرة المحلية والعربية أياماً صعبة في حياتها المهنية هذه الفترة، إثر ردود فعل قوية أثارتها مشاركتها في وصلة إعلانية تبث على التلفزيون المغربي يرى كثر أنها مسيئة لصورة المرأة المغربية وقضاياها. وتظهر فاطمة في إعلان يروج لمنتج شركة أميركية (بروتيكت آند كامبل) متخصصة في إنتاج مساحيق التنظيف، حيث تؤدي دور صحافية تقوم بتغطية مباشرة في الشارع العام لمسيرة نسائية حاشدة تطالب بحصول النساء على «حق البياض» الذي يوفره مسحوق الغسيل الأميركي. وفي الإعلان ترتفع أصوات مناضلات البياض بشعار «لا تنازل لا تنازل عن لبيوضية»، في «مسيرة الصابون» التي تم اعتبارها حاملة لإساءة واضحة للنضال النسائي بالمغرب، ولا سيما للمسيرات النسائية الكبرى المطالبة بتمكين المرأة من حقوقها المساوية للرجل. وأصبحت الممثلة المحبوبة لدى الجمهور المغربي موضوع رسائل احتجاج واستنكار وجهت إلى العديد من الجهات الرسمية المعنية في الشأن السياسي والاجتماعي والإعلامي بالمغرب، مثل الوزارة الأولى وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن ووزارة الإعلام والاتصال والمجلس الأعلى للسمعي البصري. وتطالب هذه الرسائل بالمنع الفوري لبث وصلة مسيرة الصابون، لكونها تسير «في الاتجاه المعاكس لمسيرة الدولة نحو تمكين النساء من المشاركة الفعلية في التنمية في جميع ميادينها». وترى الانتقادات أن فاطمة خير، وهي أحد الوجوه المتألقة في الجيل الفني الجديد، أساءت لصورة المرأة المغربية في شكل عام، والمرأة الإعلامية في شكل خاص، ولرصيدها الفني وصدقيتها كممثلة نجحت في اختيار أدوار نسائية متميزة حول وضعية المرأة في المجتمع المغربي، نالت عنها جوائز وتقدير الجمهور المحلي والعربي. فضلاً عن اعتبار مشاركتها في الوصلة تناقضاً مع رسالتها كإعلامية دخلت إلى عالم التنشيط التلفزيوني ببرنامج اجتماعي يحمل عنوان «قضايا وحلول» يبث على القناة العمومية الأولى. شرطية ناشطة ومن ضمن أبرز الأدوار التي قدمتها فاطمة خير على شاشة التلفزيون المغربي دورها كشرطية في سلك الشرطة العلمية الذي يعرف عنه المغاربة القليل جداً، تجري تحقيقاً معقداً في جريمة قتل يتقاطع فيها الشخصي بالمهني. وكان لدورها المتميز في المسلسل أثر مباشر وكبير في الواقع، إذ لوحظ إقبال غير مسبوق للشابات المغربيات على الانخراط في سلك الشرطة بهدف أن يصرن في المستقبل عناصر فاعلة في الشرطة العلمية. وعلى رغم أن فكرة الوصلة الإعلانية لا تخرج عن الصورة النمطية السلبية عن المرأة المغربية المكرسة في الإعلانات التجارية التلفزيونية والإذاعية ككائن مستهلك وساذج، إلا أن توظيف الفكرة في حقل حساس كحقل النضال النسائي أثار حفيظة الناشطات الحقوقيات، ووضع فاطمة خير تحت الضوء، مسائلاً اختياراتها المهنية وقناعاتها المبدئية ومسؤولياتها كفنانة ذات صدقية شاركت في لجان التحكيم في المهرجانات السينمائية، كمهرجان دمشق السينمائي الدولي ومهرجان وهران بالجزائر ومهرجان الفيلم القصير بالدار البيضاء. وقد تكون هذه الوصلة كبوة فقط في مسيرة الفنانة المغربية التي كرمها السنة الماضية مهرجان دمشق السينمائي الدولي، لكن المسألة «لا تغتفر» كما يرى البعض من فنانة عرفها الجمهور العربي في عدد من المسلسلات السورية التاريخية كان أولها «ربيع قرطبة» للمخرج حاتم علي وآخرها «حور العين» للمخرج نجدت أنزور، ونالت التقدير عن أدوارها في أعمال مغربية تلفزيونية وسينمائية، ضمنها جائزة أحسن ممثلة بمهرجان جوهانسبورغ عن فيلم (نساء ونساء) الذي سبق أن شارك في مهرجان دمشق/ الدورة 11، وجائزة أحسن ممثلة عن دورها في فيلم (ياقوت) في المهرجان الأفريقي بالمغرب. وسلط هذا الجدل من جديد الضوء على ضرورة تفعيل الميثاق الوطني لتحسين صورة المرأة في الإعلام المغربي الموقع في آذار (مارس) 2005 بين أطراف حكومية وحقوقية وبين جمعية مهنيي الإعلان، والهادف لاعتماد مقاربة النوع الاجتماعي في وسائل الإعلام، والترويج لثقافة إيجابية حول المساواة بين الجنسين، مبنية على مبادئ الدستور المغربي والتشريعات الإسلامية والاتفاقيات الدولية في شأن حقوق المرأة وإلغاء أشكال التمييز والعنف ضدها.