كشف تقرير أميركي أن الجهود التي تبذلها الأجهزة المعنية في السعودية لمكافحة تمويل الجماعات الإرهابية عموماً، وتنظيم «داعش» خصوصاً، هي جهود فعالة جديرة بالثقة. وأشار التقرير الذي أعده باحثون في «معهد واشنطن» إلى أنه بإمكان أميركا تشديد التعاون مع السعودية ودول خليجية أخرى في مجال مكافحة تمويل الإرهاب، موضحاً أن «تقويض منابع داعش المالية يتطلب بشكل كبير دحر قدراتها على النفاذ إلى مصادرها المحلية في سورية والعراق». وحذّر التقرير من أن «داعش» تعتبر المنظمة الأكبر تمويلاً في العالم، معتبراً أنها «أغنى من بعض الدول الصغيرة»، متسائلاً «كيف لهذه المنظمة أن تمول عملياتها في سورية والعراق». وكان مسؤولون في وزارة الخزانة الأميركية أعلنوا في 13 حزيران (يونيو) الماضي، أن السعودية «على ذات الطريق مع أميركا» من حيث اتفاقهما على أهمية وضع حد لعمليات التنظيم. وقال المسؤولون إن «الرياض تعتبر هذه الجماعة منظمة إرهابية تشكل تهديداً مباشراً للأمن في المملكة»، مشيرين إلى أن «السعودية صنفت في آذار (مارس) الماضي بشكل رسمي (داعش) ككيان إرهابي، إلى جانب (جبهة النصرة)، و(الإخوان المسلمين)، والمتمردين الحوثيين في اليمن، وجاء هذا التصنيف ليحظّر على المواطنين في المملكة التبرع إلا للجهات الرسمية المعتمدة من وزارة الداخلية». وثمن تحليل أعدته الباحثة الأميركية لوري بلوتكين بوغارت، في 23 حزيران (يونيو) الماضي «تصريح وزارة الداخلية في المملكة في أوائل أيار (مايو) الماضي»، مشيرة إلى أنه «ألقى الضوء على وجهة نظر السعودية حيال تهديد داعش على أرضها». وقالت الباحثة إن «المسؤولين في المملكة اتهموا في هذا التصريح عناصر (داعش) في سورية بتشجيع المواطنين على اغتيال الشخصيات الدينية البارزة والمسؤولين الأمنيين داخل المملكة، فضلاً عن التخطيط لاعتداءات ضد المرافق الحكومية والمصالح الأجنبية، وألقت الأجهزة المعنية القبض على 59 مواطناً وثلاثة من الرعايا الأجانب جميعهم متورطين في قضايا إرهابية داخل المملكة». ودعت الباحثة بلادها إلى «التعاون مع السعودية لتنفيذ مبادراتها الأخيرة بغية تقليص دعم الإرهاب بحيث يكون لتدابير الرياض الحد الأقصى من التأثير في الخارج، وخصوصاً في العراق وسورية»، مشيرة إلى أن هذا التعاون «يتطلب مضاعفة تبادل المعلومات الاستخباراتية وصقل أي تنسيق للعمليات الاستخباراتية وغيرها من الأنشطة ضد (داعش) وجماعات مماثلة بغية دحر المكاسب التي حققها الإرهابيون وإحباط الأجندة الإرهابية في هذه البلدان والمنطقة». إن سجل الرياض في مكافحة الإرهاب واضح، إذ اعتبرته دول عدة نموذجاً فعالاً لوقف الإرهاب على أراضيها، وخصوصاً بعد تعرضها لسلسلة من الهجمات المريعة لتنظيم «القاعدة»، والتي أدت إلى مقتل المئات داخل المملكة، مما دفع بالحكومة إلى بذل المزيد من الجهود لملاحقة الإرهابيين في داخل البلاد ومنع المزيد من المؤامرات الداخلية. كما اتخذت الرياض تدابير مهمة للحد من تمويل الإرهاب في الخارج، وتضييق الخناق على الخطابات المحرّضة للقادة الدينيين، والقبض على المتشددين وإعادة تأهيلهم. وكان استطلاع أجرته شركة أميركية متخصصة في أيلول (سبتمبر) الماضي كشف عن غياب تأييد تنظيم (داعش) في الداخل السعودي بنسبة تبلغ خمسة في المائة فقط من عدد السكان، فيما المجتمع بشكل عام يرفض أعمال هذا التنظيم. 8 ملايين دولار ضرائب شهرية لخزانة التنظيم أوضح التقرير الذي أعده باحثون في «معهد واشنطن» الأميركي أن تنظيم داعش في العراق وسورية همّش التبرعات التي أصبح يواجه قيوداً دولية كبيرة في تلقيها أو الحصول عليها، مشيراً إلى أن ذلك «بفعل مصادر الدخل المستقلة التي يمتلكها». وأكد التقرير أن «التنظيم تجاوز قلة التبرعات على نحو كبير، إذ نوّع مصادره بين أنشطة متعددة مثل التهريب (النفط والأسلحة والآثار)، والابتزاز (يفرض التنظيم نحو ثمانية ملايين دولار شهرياً كضرائب على المؤسسات المحلية في المناطق التي يسيطر عليها) فضلاً عن جرائم أخرى (على سبيل المثال عمليات السطو والتزوير)». وكشف التقرير أن «سطو الجماعة على البنك المركزي في الموصل في 11 حزيران (يونيو) منحه وحده مئات الملايين من الدولارات (400 مليون دولار)».