تنادى سياسيون وشخصيات لبنانية إلى البطريركية المارونية في بكركي أمس، للدفاع عن البطريرك الماروني نصرالله صفير الذي شنّ عليه رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون هجوماً عنيفاً أول من أمس، متهماً إياه ب «حماية الفساد» ومنتقداً موقفه الأخير من سلاح «حزب الله»، سائلاً: «أين الأذية التي ألحقها هذا السلاح بالبطريرك لأقف إلى جانبه؟». ومن أبرز زوار صفير أمس رئيس الهيئة التنفيذية ل «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وعضوا اللقاء الديموقراطي (برئاسة النائب وليد جنبلاط) النائبان مروان حمادة وفؤاد السعد، والوزيرة السابقة نائلة معوض. وقال جعجع بعد اللقاء: «الكلام الذي صدر في الامس ضد البطريرك غير مقبول لا بالشكل ولا بالمضمون، فلكل منا رأيه الحر، ولكن هناك طريقة للتخاطب بين الناس يجب أن نحافظ عليها، فكيف بالحري إذا كنا نخاطب بطريرك الموارنة؟ وأتمنى على كل الفرقاء، احتراماً للنفس، التوجه الى الآخرين بالطريقة اللائقة». واعتبر جعجع ان تأخير تشكيل الحكومة «أبعد من قصة حقيبة بالزائد أو بالناقص مثلما تبين. إذا عدنا 4 أشهر الى الوراء، نلاحظ أن القصة بدأت بقول رئيس الجمهورية (ميشال سليمان) والرئيس المكلف (سعد الحريري) انه لا ينبغي توزير جبران باسيل لأنه خسر في الانتخابات، ومن جهة أخرى كان رأي الرئيس المكلف ألا تذهب وزارة الاتصالات الى «تكتل التغيير والاصلاح». وانطلاقاً مما حدث في الحقبة الماضية، وبعد المفاوضات والمشاورات واللقاءات، جرى التفاهم على أن تتقدم قوى 14 آذار بخطوة و8 آذار بخطوة مقابلة، ويعود باسيل وزيراً، وفي المقابل تأخذ الاكثرية وزارة الاتصالات، وحتى هذا الطرح لم ينجح، الى ان وصلنا الى تركيبة أن يوزّر باسيل وتكون وزارة الاتصالات مع «تكتل التغيير والاصلاح»، وكذلك لم ينجح الامر». وأضاف: «في تقديري ان الامور أبعد ذلك، لأنها لو لم تكن كذلك لكانت سارت وتم حل العقدتين الاساسيتين اللتين وضعتا على بساط البحث على مدى 4 أشهر. ولا أحد يصدق أن المشكلة هي في إبدال حقيبة بأخرى، وإذا افترضنا جدلاً أن الأمور سارت، فإن حلفاء العماد عون يضعونه «كالمسكين» في الواجهة ويجلسون وراءه ويضعون كل المصائب فيه، ولكن في رأيي أن الامور أبعد من ذلك بكثير وأبعد من العماد عون». وأضاف جعجع: «أول مشكلة هي أن للعماد عون ميولاً، منها أن يمثل البلد، أي أن يكون «نابليون لبنان»، وأن تُشكل هذه الحكومة بمعيته وكما يراه مناسباً، من دون الدخول في تفاصيل هذا التكتل العجيب الغريب الذي جمع نوابه من كل ناحية وصوب. والمشكلة الاخرى أن جماعة 8 آذار لا يريدون ان تكون المؤسسات الدستورية قائمة بالفعل وتعمل كما يجب»، معتبراً ان «هناك مسائل إقليمية يتصرفون على أساسها، أي أن الجماعة الاساسية في 8 آذار أولوياتها تختلف عن المواضيع الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية، فهذه تأتي في مرتبة ثانية او ثالثة او رابعة بالنسبة إليها، أولوياتها هي المواجهة الكبرى، وتأخذ بهذه الاعتبارات كي تسدد خطواتها، ويبدو أن تشكيل الحكومة يدخل من ضمن هذه المواجهة». وزاد: «ليست المسألة وقفاً على الابتزاز فقط، إنما هناك حسابات استراتيجية وإقليمية، وهذه بالنسبة إليّ شخصياً أصبحت أكثر من واضحة، وأشير الى أن آخر عرض جاء من جماعة 8 آذار وليس من الرئيس المكلف، ساروا به ليعودوا وينقلبوا عليه... لسنا نحن من عرقل». ورأى «أن جماعة 8 آذار موفقة جداً بشخص العماد عون الذي يستطيع أن يملأ الصورة ويستر الاسباب الحقيقية، وهي استراتيجية وإقليمية». وسئل جعجع: «عند كل مفترق تنقسم الساحة المسيحية بينك وبين عون، واذا كان هو نابوليون، فمن أنت؟»، أجاب: «أنا سمير جعجع، وهذا مجرد وصف رمزي. عندما يربح الجنرال عون يربح بقوته، وعندما يخسر كما حصل في الجامعة اليسوعية، تكون النتيجة أن الجامعة فاسدة والطلاب فاسدون». وشكك بأن تكون هناك حكومة قريباً «أقله في الوقت الحاضر». وسئل: «هل «حزب الله» لا يريد حكومة؟»، أجاب: «هذا انطباعي، وإلا لكانت الحكومة تشكلت». ونفى علمه بأن يكون غياب الحكومة يحضر لمواجهة اقليمية و «لكن في ظل الاجواء الاقليمية الملبدة أفهم هذا القرار ولا أقبله، ولكن له مكانته في منطقهم». وقال جعجع: «البلد أصبح في وضع صعب... ما يحصل يطاول هويتنا الوطنية وكرامتنا. من أجل ذلك لا يمكن ان يستمر هذا الوضع، وإذا سئلت ما هو العمل؟ فأقول: لا أعرف، وليس بيدي الحل والربط، هناك رئيس جمهورية ورئيس مكلف اقترح أن يلتقيا بأقصى سرعة ويعملا ما هو لازم، لأن ما يحصل يضرب هيبة مؤسساتنا»، داعياً إلى «استدراك الوضع الذي يجب ألا يطول أكثر من ذلك، ويجب على رئيس الجمهورية والرئيس المكلف استدراكه». حمادة ووصف حمادة صفير ب «صاحب الضمير الحي والمواقف الشجاعة»، موضحاً أنهما ناقشا الأوضاع وقوّما «الأخطار المحدقة بلبنان عند حدوده وضمن مؤسساته جراء حكومة لا تشكل، ومجلس منتخب لا يجتمع، ورئاسة وفاقية مقيدة بفعل تعطيل السلطتين التنفيذية والتشريعية». وأضاف: «توافقنا ووافقنا على توجيهات البطريرك بوجوب التعجيل والتسهيل في تشكيل الحكومة، بعيداً من أي ابتزاز وأي مناورة». وشدد على «إبقاء بكركي التي أعطي مجد لبنان لها، بعيدة من تبادل الشتائم والاتهامات»، مؤكداً «العمل على تفادي هذا النوع من السجالات، متمنين أن يستمر هذا النمط الهادئ على الأقل عند الاكثرية التي التزمت معايير معينة في التخاطب والمواقف». وسئل: «هل تتفقون مع صفير على أن السلاح والديموقراطية لا يلتقيان؟»، فأجاب: «السلاح عندما يكون عند الجيش فقط، يلتقي مع الديموقراطية». واعتبر حمادة أن «الشعب يعرف جيداً، وهذا الصرح كان واضحاً في تحديد من يعطل، وعندما نكون جميعاً متضامنين مع الرئيس الحريري نكون بذلك حددنا من هو مع التشكيل ومن هو مع التعطيل»، داعياً إلى «الكف عن المناورة والتقاذف وأن تشكل الحكومة لأن الأخطار المحدقة بلبنان كبيرة، ويجب أن ننظر الى ما يجرى حولنا، فالوضع على الحدود السعودية - اليمنية وضمن الخليج تشوبه حساسيات وتوترات، إضافة الى الوضع الايراني والباكستاني والايراني والانقسام الفلسطيني، وأمنيتنا ألا يصبح لبنان عراقاً آخر أو فلسطين أخرى، لذلك يجب أن نتماسك ونتحد». ونفى أن يكون نقل رسالة من جنبلاط الى صفير «ولكن الود مستمر بينهما». السعد ومعوض وأوضح السعد أن زيارته صفير «سببها الكلام الذي سمعناه بالامس ضد البطريرك»، مذكراً بموقفه أن «لا حكومة قريباً». وقال: «لا ديموقراطية في ظل السلاح، ولا معنى لعبارات متناقضة مثل الديموقراطية التوافقية، فكيف تسيران معاً؟ او الديموقراطية الميثاقية، فكل هذه الامور تعتبر هرطقات دستورية نحن في غنى عنها، وللأسف يريدوننا ان نسير عليها». وأضاف: «الجنرال عون آخر من يحق له الكلام عن الفساد، وبدا متوتراً كعادته ومهووساً، ويتطلب وضعه معالجة، وكلامه لا يطاول البطريرك ولا يناله، فهناك مسافات تفصل بين مكان الجنرال عون ومكان البطريرك وبكركي، والجنرال مرتهن للخارج ان كان في صورة مباشرة او غير مباشرة». وقال السعد: «عندما ذهب (عون) عام 1989 أخذ الخزنة معه واعتبرها ملكاً لأبيه، والجميع يعرف الموضوع، واليوم نرى الثروات حوله». وكذلك وصفت معوض صفير ب «ضمير لبنان»، موضحة أنها قصدت بكركي لتقدم «التهنئة بالموقف الذي صدر عن مجلس المطارنة الموارنة لأن من الواضح ان هناك مخططاً للانقلاب على «انتفاضة الاستقلال» وعلى الارادة الشعبية التي ظهرت في ساحة الشهداء وعلى الانتخابات». وقالت: «هذا الانقلاب هو من جهة تستعمل سلاح «حزب الله» غطاء لها، وهي تستعمل كل الوسائل، واليوم الانقلاب مستمر من خلال التعطيل، والشعب اللبناني من حقه أن تكون لديه حكومة، وعدم وجودها يعتبر تعطيلاً للدولة ككل». واعتبرت أن «ما حصل في الاشهر الاربعة الاخيرة ليس موضوع حقيبة بالزائد أو بالناقص، انما الهدف تعطيل الدولة والارادة الشعبية والانقلاب علينا جميعاً بحماية سلاح «حزب الله» الذي هو غير شرعي، وضد كل المبادئ في لبنان».