ليس بعد، هذا ما يواجهك عندما تتوقع أن تجد شيئاً، أو تتمنى في الواقع أن تجده. ليس بعد، تتكرر هذه الجملة دائماً في واقعنا الذي يجب أن يتغير نحو الأفضل الآن!! وأقول الآن لأن الوقت يمضي سريعاً، ونحن دائماً: ليس بعد، نكررها وكأنها تعويذة البقاء! قد تكون أفكاركم ذهبت إلى ما يضايقكم في طريقكم من رؤية شوارعكم المسدودة وأنفاقكم غير الممدودة بسبل الحياة؟! أو تكون أفكاركم قد ذهبت إلى مطاراتنا غير المهيأة للدخول في منافسة مع مطارات منطقتها الخليجية؟! أو قد تكون أفكاركم قد ذهبت إلى مدارس أبنائكم التي لم تعلم بعد أن مدارس أبناء الآخرين قد تعدّت التلقين والجدران الكئيبة التي علقت عليها الألواح السوداء ووقف أمامها مدرسون ومدرسات يحتاجون إلى كثير لتعلم مبادئ التعليم؟! أو قد تذهب بكم الظنون إلى أني أجنح إلى الحديث عن البنوك التي تجمع المال ولا تنفق منه شيئا لخدمة المجتمع الذي تأخذ منه المال؟! أو قد تذهب بكم الظنون وإن بعض الظن إثم إلا أنني سأتحدث عن مستشفياتنا سيئة التجهيز التي يقل فيها الأطباء المؤهلون بشكل فاضح، أو قد تذهب بكم الظنون إلى أني سوف أتحدث عن المستشفيات الخاصة التي أصبحت تنافس البنوك في الجشع وعدم تقديم الخدمات التي تؤهلها لأن تكون مستشفيات؟! لا، لا، كل هذا ليس بعد! ولكني سوف أتحدث اليوم عن شيء بسيط لا يكلف كثيراً ولكنه يعني كثيراً لثقافتنا ووجودنا الحضاري، إنه وجود دار نشر كبيرة. آه لا تحزنوا ولا تقولوا: كل هذه القضايا المؤجلة وتتحدثين عن: دار نشر كبيرة!! معذرة إن قلت لا للتأجيل: فهي أيضاً قضية مهمة جدًا، فثقافتنا تحتاج إلى من يهتم بها ومن ذاك غير دولتنا الحبيبة، إنه مناط بها وهي التي يجب أن تكون القائدة في ذلك. إنني أدعم ما طرحه منذ فترة قصيرة أستاذنا الفاضل حمد القاضي في المؤتمر الأول للناشرين، إذ طالب بإيجاد هذه الدار في المملكة، فهي الأَولى والأقدر على تحمل هذه المسؤولية، لأن الثقافة العربية بحاجة إلى دار نشر كبيرة تترجم وتنشر وتعنى بما يكتبه المبدعون هنا وهناك. لقد تقدمت الأمم بالثقافة، والثقافة هي الخطوة الأولى نحو الصعود، ونحن الآن نحاول الصعود، وهذا الملك عبدالله، حفظه الله، يدفع في هذا الاتجاه بكل ما أعطاه الله من قوة وحكمة، ومن الحكمة ثقافة رائدة. [email protected]