قلَّل الرئيس السوداني عمر البشير أمس ضمناً من قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما تمديد العقوبات الاقتصادية التي تفرضها بلاده على السودان منذ 12 عاماً، سنة إضافية، واعتبر أن «الأرزاق بيد الله وليس أميركا». وقال البشير أمام حشد جماهيري أمس في مدينة الدمازين عاصمة ولاية النيل الأزرق المتاخمة للحدود الإثيوبية، إن بلاده تعتمد على نفسها ولا تنتظر عوناً من الدول المعادية لها. وزاد: «إنهم لا يحبوننا ولكنا لا ننتظر رزقاً من اميركا ولا بريطانيا لأن الأرزاق بيد الله». ورأى أن توقيع اتفاق السلام في جنوب البلاد الذي أنهى اكثر من عقدين من الحرب الأهلية أكبر انجاز لحكمه المستمر منذ 1989، مؤكداً أن السودان لن يعود إلى مربع الحرب مرة أخرى. وأقفل الباب أمام أية خلافات يمكن أن تعصف بالسلام، مشيراً إلى أنه لم تعد هناك منطقة مهمشة في السودان، في اشارة إلى منطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق اللتين شملهما اتفاق السلام. وكان أوباما قرر تمديد العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان عاماً جديداً، وقال في خطاب ألقاه في الكونغرس إن تحركات النظام السوداني وسياسته «معادية لمصالح الولاياتالمتحدة وتشكل تهديداً دائماً وغير مألوف واستثنائياً للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة»، موضحاً أن العقوبات التي تحد من التجارة والاستثمارات الأميركية في السودان ترمي إلى منع تحول هذا البلد إلى «ملجأ آمن للإرهابيين»، وإلى التطبيق التام لاتفاق السلام في جنوب البلاد. ويأتي تمديد العقوبات بعد عشرة أيام من إعلان الادارة الاميركية سياسة جديدة تجاه السودان تتضمن مواصلة الضغوط عليه مع عرض حوافز جديدة بهدف وضع نهاية للعنف في دارفور. ويخضع السودان إلى عقوبات أميركية جرى توسيعها على مراحل منذ تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1997، وتضع واشنطن السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب كما استهدفت عدداً من المسؤولين السودانيين في تجميد للأصول وحظر على السفر. إلى ذلك، كشف وزير شؤون رئاسة حكومة إقليمجنوب السودان لوكا بيونق أن المبعوث الرئاسي الأميركي الى السودان سكوت غرايشن سيصل إلى البلاد مطلع الاسبوع حاملاً ثلاثة اقتراحات لتجاوز عقبة التعداد السكاني الذي يرفض نتيجته الجنوبيون، ويُنتظر أن يناقشها مع شريكي الحكم - حزب المؤتمر الوطني و «الحركة الشعبية لتحرير السودان». وأبرز هذه الاقتراحات أن تقتصر الانتخابات المقررة في نيسان (ابريل) المقبل على مستوى الجهاز التنفيذي (أي رئاسة الجمهورية، ورئاسة حكومة الجنوب وحكام الولايات) وارجاء الانتخابات البرلمانية الى ما بعد الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب في عام 2011، مع استثناء منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان لعلاقة «المشورة الشعبية» الواردة في اتفاق السلام بانتخاب مجالس تشريعية في المنطقتين. وقال بيونق ان الاقتراحات الثلاثة صاغها المبعوث الأميركي لتجاوز الخلافات بين شريكي الحكم حول نتائج التعداد السكاني الذي حدد عدد مواطني الجنوب ب 21 في المئة من سكان البلاد، ويتحفظ الجنوبيون عن ذلك ويعتبرون أنهم ثلث عدد السكان. وأوضح أن الاقتراح الأول يدعو إلى «تأمين» نتائج التعداد السكاني من خلال تعديل مادة في دستور البلاد الانتقالي لضمان عدم إحداث أي تغيير في اتفاق السلام في ما يتعلق باقتسام السلطة إلا بموافقة 80 في المئة من أعضاء البرلمان بدل 75 في المئة الواردة في الدستور، والحفاظ للجنوب على نسبة 30 في المئة من التمثيل في مجلس الوزراء كما جاء في اتفاق السلام. أما الاقتراح الثاني فيدعو إلى التركيز على الانتخابات على المستوى التنفيذي. وينادي الاقتراح الأخير بتعديل قانون الانتخابات لرفع عدد مقاعد البرلمان من 450 عضواً إلى 510، على أن تذهب 57 من المقاعد الإضافية الى زيادة مقاعد الجنوب ومقعدين الى جنوب كردفان ومقعد إلى أبيي. وذكر بيونق أن غرايشن سيركز في لقاءاته حول التقويم الذي اعده مكتبه عن القضايا العالقة التي تم الاتفاق على حلها بين طرفي السلام منذ تموز (يوليو) الماضي في واشنطن، إذ جرى الاتفاق على 53 نقطة شملت 11 قضية أساسية على رأسها النزاع على منطقة ابيي وترسيم الحدود بين شمال البلاد وجنوبها والترتيبات الأمنية والانتخابات ودارفور وقانون الاستفتاء، وأفاد بيونق أنه بحسب التقويم فإن 11 في المئة من النقاط ال 53 التي تم الاتفاق عليها لم تنفذ، وحوالى 55 في المئة لم تشهد أي تقدم ملحوظ، و 21 في المئة يجري تنفيذها، و13 في المئة نُفّذت. ولفت إلى ان القضايا التي لم تنفذ على رأسها القضايا المتعلقة بترتيبات ما بعد اعلان قرار هيئة التحكيم الخاصة بإبيي إضافة الى قضايا منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وقانون الاستفتاء، وترسيم الحدود. إلى ذلك، عاد رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت من القاهرة قبل يوم من نهاية زيارته واتجه إلى نيروبي حيث اجرى محادثات مع الرئيس الكيني مواي كيباكي في شأن الصدامات القبلية التي وقعت أخيراً على الحدود بين البلدين.