أين يصب الحديث المتكرّر عن انخراط المرأة العربية في سوق العمل، حينما تشير الأرقام الى أن نسبة مشاركتها في القوى العاملة لم تتخطَ 32 في المئة (وهي أدنى نسبة في العالم)... وبخاصة، عندما تكون هذه المشاركة «الرمزية» ذريعة لاستبعادها عن بعض حقوق نهاية الخدمة؟ وفي قراءة لقوانين الضمان في الدول العربية، يُلاحظ أن المشرّع «دلّل» المرأة، من ناحية سن التقاعد وتعويض الصرف بسبب الزواج وحقوقها كأرملة. فسن التقاعد في الجزائر، على سبيل المثال لا الحصر، هو 55 سنة للنساء و60 للرجال. وفي الأردن، يحق لموظفي الحكومة التقاعد بعد مرور 20 سنة من الخدمة، بينما يحق للمرأة ذلك بعد مرور 15 سنة. في موضوع راتب التقاعد، يحق للمرأة ما لا يحق لسواها. ففي سورية، يحق للنساء العاملات الحصول على راتب تقاعد عند سن الخامسة والخمسين، إذا تعدت سنوات العمل 15 سنة، أو عند سن الخمسين إذا تعدت سنوات العمل 20 سنة (المادة 57 من قانون التأمينات الاجتماعية). وفي لبنان، أتاح قانون العمل لكل أجيرة ترك العمل بسبب الزواج والإفادة من تعويض الصرف (المادة 59 من قانون العمل). كذلك، في حال فقدان الزوج/الزوجة، انحاز القانون الى حقوق الأرملة. وفي مصر والأردن ولبنان وسورية، لا يحق للزوج الحصول على راتب زوجته إلا في حال عدم توافر الدخل له أو في حال الإعاقة. للوهلة الأولى، نكاد نصدّق أن كل هذه البنود المذكورة تصبّ في مصلحة المرأة، إلا أنها في الواقع تنقلب ضدها أو ضد زوجها وأطفالها (في البنود المتعلقة بحقوق الأرمل/الأرملة). لكن هذا التمييز الإيجابي التي تحظى به يهدف الى تكريس دورها الانجابي، على حساب نشاطها في سوق العمل وتبوّئها المراكز القيادية، كما يؤثر سلباً في حقها في تعويضات نهاية الخدمة. يضاف الى ذلك، العوامل الاقتصادية المتعلقة بانخفاض مشاركة المرأة في سوق العمل أو وجودها غالباً في الاقتصاد غير النظامي. وهذا ما يفسّر، على سبيل المثال، أن واحدة من بين كل عشرين أنثى مغربية ناشطة اقتصادياً تستفيد من ضمانات نهاية الخدمة. * عن «تحليل مقارن حول الوضع الاقتصادي للمرأة في عشر دول جنوب متوسطية»، البرنامج الأورومتوسطي، 2006.