يصل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الى أديس أبابا اليوم ليترأس وفد بلاده المشارك في اجتماعات القمة الأفريقية التي تلتئم غداً، فيما لم يحسم لقاء جمع وزيري خارجية مصر سامح شكري وإثيوبيا تادرس أدهانوم أول من أمس خلافات البلدين في شأن ملف «سد النهضة» الذي تبنيه إثيوبيا على النيل وتتحفظ مصر عن بعض تفاصيل بنائه. ويتوقع أن يركز السيسي على السد والملف الليبي خلال الزيارة التي تستمر ثلاثة أيام ويلتقي على هامشها عدداً من القادة الأفارقة. ويستبق مجلس السلم والأمن الأفريقي وصول السيسي بعقد اجتماع لمناقشة الأزمة المحتدمة في ليبيا، قبل أن يطرح الملف على اجتماع القمة. وكانت ليبيا ومصر والإمارات والسعودية قاطعت الجلسة الافتتاحية لاجتماع مجموعة الاتصال الدولية الخاصة بليبيا التي بدأت صباح أمس على مستوى وزراء الخارجية في مركز الاتحاد الأفريقي للمؤتمرات في أديس أبابا، وذلك احتجاجاً على دعوة قطروتركيا للحضور من دون تنسيق. كما غاب عن الاجتماع مبعوث الأممالمتحدة إلى ليبيا برناردينو ليون والمبعوث الأميركي جيفري فيلتمان وبعض الدول الأعضاء. وتضم مجموعة الاتصال الدولية الخاصة بليبيا دول الجوار الليبي: مصر والجزائر وتشاد والنيجر والسودان وتونس، إضافة إلى موريتانيا الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي ونيجيريا وجنوب أفريقيا، وأعضاء مجلس الأمن الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة، وكذلك الأممالمتحدة والجامعة العربية وتجمع الساحل والصحراء وإيطاليا وإسبانيا ومبعوثي الاتحاد الأفريقي والمبعوث الأممي إلى ليبيا، فيما دعت المفوضية الأفريقية تركياوقطر اللتين حضر ممثلاهما الاجتماع كما دعت الإمارات والسعودية اللتين قاطعتا الاجتماع. ويأتي أجتماع مجموعة الاتصال الدولية للبحث في الأزمة الليبية على المستوى الوزاري بمبادرة من رئيس المفوضية الإفريقية نكوسازانا دولاميني زوما ومفوض السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي إسماعيل شرقي. وأوضح وزير الخارجية المصري سامح شكري أن مقاطعة بلاده للجلسة الافتتاحية «جاءت بالتنسيق مع وزير خارجية ليبيا وممثلي الإمارات والسعودية»، عازياً الخطوة إلى «عدم التزام مفوضية الاتحاد الأفريقي بالإجراءات المألوفة بأن يتم تنظيم مثل هذه الاجتماعات بعد التشاور والتنسيق مع الدول الأعضاء في هذه المنظمة التي تملكها الدول الأعضاء ويقتصر دور المفوضية على كونها مسهلاً ومعاوناً للدول الأعضاء». وأضاف: «عندما يعقد اجتماع بهذه الدرجة من الأهمية وتدعى إليه دول من خارج نطاق الاتحاد (قطروتركيا)، فلا بد أن يتم ذلك بموافقة صريحة من الدول الأعضاء وبالتنسيق معهم من خلال المفوضية. وبالتالي كان عدم الحضور هو لإرسال رسالة واضحة بأنه لا بد من التنسيق الوثيق مع مصر وبقية الدول عندما يتصل الأمر بمشاركة دول من خارج الاتحاد في اجتماعات مرتبطة بقضايا مباشرة لدول الاتحاد». وأشار شكري إلى أن بلاده شاركت في جلسات لاحقة للاجتماع، وحضر نائب مساعد وزير الخارجية للمنظمات الأفريقية أمجد عبدالغفار «نظراً إلى اهتمام مصر بالشأن الليبي، وحتى تكون رؤيتها مطروحة بالوضوح والاتساق نفسيهما مع مبادرة دول الجوار والجهد الذي بذلته دول الجوار في دعم الشرعية الليبية ودعم الحكومة الليبية ونبذ كل من يلجأ إلى العنف والخيار العسكري وفتح المجال للتوصل إلى وفاق وطني من خلال العناصر التي كانت مطروحة في مبادرة دول الجوار خلال اجتماعها في القاهرة في 25 آب (أغسطس) الماضي، والتي تؤكد أهمية الحل السياسي بعد نبذ العنف ونبذ الخيار العسكري والتخلي عن المواقع التي تم احتلالها رغم إرادة الشعب الليبي ورغم الشرعية المتمثّلة في الحكومة ومجلس النواب». وأقر بأن «آليات معالجة الأزمة الليبية تؤثر سلباً على آليات قائمة وإيجابية مثل دول الجوار... من دون شك فإن كثرة الأليات ليست بالضرورة أفضل السبل لتناول القضية، فالآن يقوم المبعوث الأممي برناردينو ليون بجهد مشكور ويتم التنسيق الوثيق في شأنه مع مصر ومع دول أخرى مؤثرة تدعم نشاطه واستطاع أن يعقد ثلاث جلسات للحوار بين أطراف سياسية أعربت عن اهتمامها بالحوار السياسي والتوصل إلى وفاق، وهذا أمر ندعمه ويجب أن نستمر في دعمه». واستنكر «الاجتماعات المتكررة التي تضم أطرافاً ليست لها بالضرورة تأثير إيجابي وإنما لها رؤى ربما تختلف عن رؤية المجتمع الدولي أو رؤية دول الجوار ورؤية الحكومة الشرعية في ليبيا وهي الأساس... رؤية الحكومة الشرعية في ليبيا تتلخص في كيفية تناول القضايا السياسية المتعلقة بحل هذه الأزمة والعودة إلى استقرار ووحدة الأراضي الليبية». وشدد على وجود «أطر ذات اهتمام وتأثير وقدرة على العمل الإيجابي يجب أن يتم التركيز عليها وأن تكون محوراً يدعم الجهود الأممية وجهود الشرعية الليبية، لكن تكرار الأُطر وتعددها لمجرد الظهور السياسي والتدخل لتحويل مسار التوجه بصورة سلبية لا يخدم المصلحة الليبية». وفي ما يخص العلاقات المصرية - الإثيوبية، شدد شكري على ضرورة «أن تقوم على الاحترام المتبادل والتوازن في المصالح». وقال: «لا بد أن يضمن كل طرف الحفاظ على مصالحه، وألا يتعدى أي طرف على الآخر، فنحن نعمل في إطار من الأخوة والعمل على تدعيم العلاقات». وأضاف: «نبني بخطوات متأنية، وفي الوقت نفسه نؤكد التزامنا ومساعينا لبناء الثقة بين الدولتين، فالعلاقة التاريخية التي تربط بينهما شهدت اهتزازاً في المراحل الماضية يتطلب أن ننخرط بمزيد من التواصل والحوار ومزيد من التعرف على وجهات نظر بعضنا بعضاً وأن ننطلق من أرضية التفهم للمصالح الحيوية لكل منا، ومراعاة هذه المصالح في شكل متبادل».