بين الخوف والواقع المبكي تعيش أسرة سعودية مكونة من أم وخمسة أبناء وبنات، حياة صعبة. لم يعد مهماً لديهم خواء بطونهم، ولا عجزهم عن تأمين الحد الأدنى من الضروريات، فهم يقاسون الحزن ويشعرون بالضعف والعجز، الفقر بات شريكهم الحقيقي، والدموع وسيلتهم الوحيدة للتنفيس عن أنفسهم، ومع ذلك لا ينفك الحزن مرافقاً لهم. وتقول أم علي: «ساءت حالتنا بعد وفاة زوجي رحمه الله، وتكالبت علينا ظروف الحياة في كل شيء، فتحملت المسؤولية»، مؤكدة أن لديها بنتاً مطلقة وابناً كبيراً مريضاً يحتاج إلى علاج نفسي. وتضيف: «ابني الآخر لا يعمل فهو يجوب الحي مترجلاً ليبحث عن الرزق في حاويات القمامة ليجمع الكراتين ويبيعها في حراج ابن قاسم، ويكسب يومياً من 25 إلى 50 ريالاً»، مشيرة إلى أن راتب زوجها التقاعدي لا يكفيهم وينتهي في أول عشرة أيام من الشهر، وأحياناً ينتهي في ثاني يوم من تسلمه. وتتابع بصوت خافت: «نملك هذا المنزل الصغير، لكن أثاثه بال وغير صالح للاستخدام الآدمي، وينبعث من المنزل بعض الروائح الكريهة التي قد تسبب بعض الأمراض لنا، ويصعب علينا تسديد فواتير الكهرباء المرتفعة فنسدد شهراً ونقطع شهراً آخر لعدم استطاعتنا الدفع»، لافتة إلى أن أبناءها يشعرون بالدونية في محيط مجتمعهم لعدم قدرتهم الصرف على محارمهم. أمام هذه الظروف القاسية والحياة البائسة تقول الابنة الكبرى: «ابحثوا لي ولإخوتي عن عمل حتى لو نخدم في المنازل، فالعمل الذي نكسب منه أجراً حلالاً وطيباً ليس عيباً»، موضحة أنها في صغرها اضطرت لترك مقاعد الدراسة من أجل مساعدة والدتها المريضة آنذاك والسهر على راحتها والعناية بها، ولكنها عادت هذا العام إلى الدراسة في محو الأمية هي وأختها. هذه هي حال أم علي ذات ال70 عاماً وأسرتها المحطمة، والتي أنهكتها حياة البؤس وكسرها طلاق ابنتها ومرض ابنها الكبير. وكشف أحد الجيران (فضل عدم ذكر اسمه) أن هذه الأسرة لا يوجد من يهتم بها، ويضيف: «على رغم كبر أبنائها إلا أنهم يعانون أمراضاً نفسية صعبة، فنحن نشاهد احد أبنائها يجمع المخلفات من مكب النفايات ويضعها في سيارة ليذهب بها ويبيعها. ويستطرد: «قمنا بمساعدتهم عن طريق إحدى الجمعيات الخيرية، التي تفاعلت على الفور وقامت بتقديم مواد عينية قليلة جداً ومبلغ بسيط بالكاد يكفي تسديد الكهرباء والماء أحياناً، ولكن ظروف الحياة تجبرهم مراراً وتكراراً على مد اليد طلباً للمساعدة»، مناشداً المحسنين وفاعلي الخير الوقوف إلى جانب هذه الأسرة وإنهاء معاناتها والعمل على تحسين ظروفها المعيشية. لا تستطيع الأسرة المحتاجة إخفاء عوزها وقلة حيلتها، خصوصاً أن الأبناء لديهم مشكلات صحية نفسية، فهي أسرة تعتمد في شكل مطلق على بعض الصدقات المتقطعة، مؤكدين أنهم لا يريدون سوى تأمين حياة كريمة تغنيهم عن الناس وتسد جوعهم وتكسوهم. «الحياة» زارت أم علي في منزلها المتواضع الخرب، وتبين قدم أثاث المنزل، كما أن الروائح الكريهة مصدر قلق لهذه الأسرة الحزينة.