يبدي مستثمرون سويسريون قلقاً شديداً من مخططات المصرف المركزي الأوروبي، لكن في شكل غير رسمي. إذ بدأت خطة التيسير الكمّي الأوروبية المماثلة لتلك الأميركية والمعروفة باسم «كوانتيتايتف إيزينغ»، من طريق شراء سندات خزينة وبمبالغ ضخمة في الأسواق المالية الأوروبية. وهكذا بدأ تراجع مردود سندات الخزينة الأوروبية حتى إشعار آخر. وبما أن للمستثمرين السويسريين حصصاً جيدة في هذه السندات، فهم يسألون عن مستقبل علاقاتهم مع عالم المال الأوروبي المحيط بهم. ويُعدّ تبني أسعار فائدة سلبية من جانب أي مصرف مركزي عالمي انذاراً، إذ بدلاً من تحقيق الفوائد على ودائعها لدى المصرف المركزي، تجد المصارف التجارية والاستثمارية ذاتها في وضع يدفعها إلى تسديد الفوائد على إيداعاتها. ويعني ذلك أن مَن يحقق الأرباح اليوم هي المصارف المركزية حصراً. ليس سهلاً على المحللين توضيح أسرار الروابط المالية بين سويسرا ودول الاتحاد الأوروبي، وفي مطلق الأحوال يبدو أن المستثمرين وفي ضوء معدلات الفوائد السلبية، مستعدون لدفع مبالغ كبيرة من الأموال للاحتفاظ باستثماراتهم في أماكن آمنة. ويقدر المشغلون السويسريون الأموال المستثمرة في أدوات مالية أوروبية تعرض اليوم فوائد سلبية، بنحو 1.3 تريليون يورو. وبدلاً من حصد الأرباح يرى المستثمرون الدوليون أنفسهم أمام واقع دفع الأموال لمصدّري هذه الأدوات المالية من سندات، إلى حين تبدّل الأوضاع الاقتصادية والسياسات النقدية التي تقررها المصارف المركزية. ولا شك في أن الأموال المخصصة في أسواق سندات الخزينة الأوروبية (1.2 تريليون يورو)، التي تؤخذ من المستثمرين ولا تعطيهم أي مقابل، تعادل 25 في المئة من ديون دول الاتحاد الأوروبي التي تزداد شهراً بعد آخر. ويشير أساتذة في القسم الاقتصادي في جامعة برن، الى أن مغزى تحويل نسب الفوائد من إيجابي إلى سلبي، يتمحور حول إجبار المستثمرين الدوليين من جانب المصارف المركزية لا سيما الأوروبية، على شراء فئة جديدة من الأصول من سندات وغيرها، تتمتع بأخطار أعلى من تلك المرافقة لسندات الخزينة الأوروبية. وحتى الآن تشمل الفوائد السلبية سندات الخزينة الأوروبية التي تستحق في الأمد القصير، الصادرة من ألمانيا وفرنسا وغيرهما من دول المحور الصناعي في القارة القديمة. صحيح أن سياسة التيسير النقدي الأوروبية ستكون مماثلة إلى حد كبير لتلك الأميركية، لكن «المركزي» الأوروبي يستبعد شراء كل أنواع السندات من الأسواق المالية الأوروبية، وسيكتفي بتلك المصنّفة درجة ممتاز «إيه إيه إيه». وفي رد فعل أولي، سيميل مردود سندات الخزينة الألمانية مثلاً من سيء إلى أسوأ، ما سيدفع بالمستثمرين الدولييين ومنهم السويسريون، إلى شراء سندات خاصة بالدول الأوروبية الجنوبية التي ستعطيهم مردوداً متواضعاً فضلاً عن تحسين قيمتها وسمعتها حول العالم. أما بالنسبة إلى سندات الشركات الأوروبية، يتوقع الخبراء السويسريون إقبالاً جيداً عليها خلال هذه السنة.