يضطلع حاكم المصرف المركزي الأوروبي ماريو دراغي، بدور كبير في إعادة الثقة في اليورو. وترمي خطته إلى إنقاذ اليورو بأي ثمن، إذ دعمت انتعاش العملة الأوروبية الموحدة بعدما قطع الجميع أملهم في إبقائها على قيد الحياة. ولاحظ خبراء، ارتفاع اليورو أمام الدولار بنسبة 8.86 في المئة في الشهور الأخيرة، بدعم من الدولار ذاته، الذي ضعف نتيجة الجولة الثالثة من سياسة التيسير الكمي (كوانتيتايتف إيزينغ) ومصدرها مجلس الاحتياط الفيديرالي، أي زيادة المعروض من النقود من خلال إغراق المؤسسات المالية وتحديداً الأميركية، برؤوس أموال في محاولة لتعزيز السيولة وزيادة الإقراض. ولم تتخطَّ قوة اليورو أخيراً، دفاعات الدولار فحسب، بل حققت نقاطاً لمصلحتها أمام الين (ترسو قيمة اليورو على 103 ين)، والدولار الأسترالي الذي تراجعت قيمته أكثر من 6 في المئة. ويرصد الخبراء، تفشي ظاهرة معروفة باسم «كاري ترايد»، تُترجم مالياً بهروب رؤوس الأموال من كل الأصول المتداولة في البورصات والمسعّرة بالدولار إلى أسهم وسندات متداولة باليورو. ولفتوا أيضاً إلى أن مستثمرين دوليين (أكثر من 70 في المئة)، يسعون إلى الاقتراض بالدولار بفوائد متدنية، بهدف الاستثمار في نشاطات خاصة بمنطقة اليورو، يكفي مردودها لتحقيق الأرباح. أما خبراء البورصة السويسرية، فهم يؤمنون بأن قيمة اليورو ستتجاوز 1.35 أمام الدولار حتى نهاية السنة. ويبدو أن أوضاع منطقة اليورو الأفضل من نظيرتها الأميركية، تحفز المستثمرين على تعزيز الثقة في العملة الأوروبية، إذ ستواجه أميركا مطلع العام المقبل، معضلة ضريبية معروفة باسم «فيسكال كليف»، تتمثل في تقليص الإنفاق العام من جهة، وقطع التسهيلات الضريبية التي أرادتها حكومة بوش السابقة من جهة أخرى. ما يعني أن الولاياتالمتحدة ستشهد كساداً اقتصادياً يدفع المستثمرين بعيداً عنها. ورأى المحللون السويسريون، أن الأوضاع الجيوسياسية غير المستقرة في منطقة الشرق الأوسط، من مصر إلى ليبيا، انعكست تآكلاً في تدفق رؤوس الأموال إلى البورصات العربية. هكذا، تحوّلت منطقة اليورو إلى برّ أمان موقت، على رغم مرور بعض دولها في أوضاع عصيبة اقتصادية ومالية. ويبدو أن استراتيجية التيسير الكمي التي ابتكرتها الولاياتالمتحدة، ساهمت في تغيير ملامح الاستثمارات الدولية. إذ يدفع تطبيق استراتيجية كهذه لدى وصول مقياس مخاطرة الأسواق المالية إلى درجة «ريسك أون»، المستثمرين إلى المغامرة بكل شيء لديهم، لتحقيق الأرباح عبر أسهم وسندات خطيرة جداً، لكن بمردود يفتح الشهية. ولا شك في أن ماراثون الاستثمارات يُعتبر المحرّك للبورصات الأوروبية واليورو معاً. ويكفي النظر، إلى بورصات أوروبية كثيرة تقدمت أكثر من 10 في المئة منذ مطلع الصيف الماضي.