تكتمت إيران على نتائج المحادثات التي أجراها وزير خارجيتها محمد جواد ظريف مع نظيره الأميركي جون كيري والفرنسي لوران فابيوس في جنيف وباريس أول من امس. لكن رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني أبدى عدم ارتياحه إلى الأفكار والمقترحات التي طرحها كيري، فيما تستأنف في جنيف اليوم المفاوضات بين إيران ومجموعة الدول الست على مستوى معاوني وزراء الخارجية. وبعدما هدد الرئيس باراك أوباما، إثر لقائه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون في واشنطن أول من أمس، باستخدام الفيتو الرئاسي ضد قانون قد يصدره الكونغرس لإقرار عقوبات جديدة على إيران «لأنه سيعرّض المفاوضات لخطر»، قرر نواب من الحزبين الديموقراطي والجمهوري مواجهته بإعلانهم أنهم سيمضون في مشروع يفرض عقوبات على إيران بدءاً من 30 حزيران (يونيو) المقبل إذا لم يُبرم اتفاق. وأعلنت لجنة المصارف في مجلس الشيوخ أنها ستجري تصويتاً أولياً على المشروع الخميس المقبل، وطالبت بتقديم كل التعديلات بعد غد كحد أقصى. ووصف كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي أجواء المحادثات الإيرانية - الأميركية بأنها «جدّية، لكن الخلافات ما زالت قائمة»، مكرراً أن «التوصل إلى اتفاق يحتاج إلى إرادة سياسية ونيات حسنة». أما عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى إسماعيل كوثري، فحذّر من التمادي في زيادة المطالب الغربية، وقال: «دخلنا المفاوضات بصدق، وإذا لم نصل إلى نتيجة سنواصل برنامجنا النووي كما فعلنا سابقاً». وأضاف: «سيضطر مجلس الشورى إلى إجبار الحكومة على تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة إذا أصرت مجموعة الدول الست عل طرح مزيد من المطالب غير المنطقية». إلى ذلك، أكدت الناطقة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم، أن المفاوضات النووية «تتابع مسارها المستقل، ولا يتضمن جدول أعمالها قضية أخرى». وقالت تعليقاً على معلومات عن تناول المفاوضات قضية اعتقال الصحافي الأميركي الإيراني الأصل جيسون رضائيان في إيران: «طُرحت قضية السجناء الإيرانيين لأسباب إنسانية أحياناً على هامش المحادثات مع الأميركيين، وأبلغناهم بوضوح أن هذه القضية تتابع مسارها المستقل في القضاء». في واشنطن، لم تلقَ دعوة أوباما الى نواب الكونغرس ل «التمهل في طلقاتهم» وعدم فرض عقوبات جديدة على إيران، آذانا صاغية. وقال السناتور الديموقراطي بوب مانينديز، عضو لجنة العلاقات الخارجية: «هناك خلاف أساسي مع أوباما حول العقوبات، ونرى أن لا ضرر في إقرار قانون عقوبات على إيران لن يُنفذ قبل نهاية حزيران». وصرح السناتور الجمهوري مارك كيرك الذي صاغ المشروع مع مانينديز: «وحدها وحدة الصف بين الجمهوريين والديموقراطيين في الكونغرس ستردع إيران عن تخصيب اليورانيوم والبلوتونيوم لصنع القنبلة». وسيحتاج مانينديز وكيرك الى 60 صوتاً لتمرير المشروع في مجلس الشيوخ، وهو ما يبدو أنهما يمتلكانه مع اصطفاف ديموقراطيين في صف الجمهوريين وضد البيت الأبيض. وكان أوباما طلب وساطة كامرون مع النواب لإحباط المشروع، وهو ما مهد لإجراء اتصالات أول من أمس بين رئيس الوزراء البريطاني ونواب لم تأت بنتيجة. ويواجه أوباما حسابات صعبة في الكونغرس الجديد بعدما خسر الأكثرية في المجلسين وبفارق كبير في مجلس النواب (247 جمهورياً/ 188 ديموقراطياً)، ما يعني ضمان تمرير مشروع العقوبات هناك إذا وافق عليه مجلس الشيوخ (54 جمهورياً و46 ديموقراطياً) . وتؤيد المشروع مجموعات ضغط بعضها مقرب من إسرائيل، مثل لجنة العلاقات الأميركية الإسرائيلية (آيباك). ويضع الواقع الحالي كلاً من أوباما والكونغرس على سكة المواجهة حول إيران، مع إمكان التصويت النهائي على المشروع خلال أسابيع، وقد يجبر ذلك الرئيس على استخدام حق النقض (الفيتو) لإبطال المشروع وعدم فرض عقوبات. وكان أوباما طلب من الكونغرس إمهاله فترة «أشهر» للسعي إلى اتفاق شامل مع إيران بدل المضي بخطوة قد تؤدي إلى «انهيار المفاوضات». وقالت مصادر موثوقة في واشنطن ل «الحياة»، إن ثمة تعقيدات كبيرة أمام المفاوضات حتى قبل تصويت الكونغرس، أنما تأمل الإدارة بنجاح الخط الأكثر اعتدالا والمتمثل بالرئيس حسن روحاني ووزير الخارجية جواد ظريف في إقناع القيادة في طهران بجدوى الاتفاق. وسيلجأ أوباما الى الرأي العام الأميركي لتسويق وجهة نظره حول العقوبات استعداداً لأي فيتو، لأن قراراً كهذا ليس محبذاً لأي رئيس.