طالبت القيادة العسكرية الباكستانية قوات التحالف الدولي بإغلاق الحدود مع أفغانستان، لوقف تدفق المقاتلين من هناك لمساعدة حركة «طالبان باكستان» في التصدي للحملة التي يشنها الجيش ضدها منذ خمسة أيام. يأتي ذلك في ظل تصاعد مخاوف من ان يطول أمد الحملة ضد المقاتلين المتشددين في جنوب وزيرستان، ما يعرض الهجوم العسكري لتوقف حتمي إذا دهمته ثلوج الشتاء التي تعرقل حركة الآليات والدبابات. تزامن ذلك مع إغلاق المدارس ومعظم مراكز الإغاثة الدولية في أنحاء باكستان تحسباً لهجمات إرهابية، بعد تبني «طالبان باكستان» تفجيرين داخل «الجامعة الإسلامية العالمية» في إسلام آباد الثلثاء، وذلك في اتصال أجراه قارئ حسين محسود القائد البارز في الحركة ب «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) ليل أول من أمس. وأعلن حسين محسود الملقب ب «مرشد المفجرين الانتحاريين» أن «باكستان بأكملها أصبحت ساحة حرب». واتصل رئيس الأركان الباكستاني الجنرال طارق مجيد بنظيره البريطاني السير جوك ستيروب، وطلب ان يبذل التحالف في أفغانستان «جهوداً متزامنة» مع الجيش الباكستاني في حملته في جنوب وزيرستان، بما في ذلك تبادل معلومات استخباراتية على جانبي الحدود. وأفيد بأن الجنرال الباكستاني أثار مع نظيره البريطاني ما أشارت إليه تقارير أخيراً عن تخلي قوات حلف شمال الأطلسي عن مراكز مراقبة حدودية أفغانية مواجهة لجنوب وزيرستان، ما قد يتيح تدفق مقاتلين من أفغانستان لدعم المتشددين في الحزام القبلي الباكستاني، أو فرار هؤلاء في اتجاه الأراضي الأفغانية. وأفادت تقارير في باكستان بأن الجيش يتقدم بحذر في الأراضي الجبلية الوعرة في جنوب وزيرستان، تحسباً لتحول جنوده أهدافاً سهلة للمتشددين الذين تمركزوا في قمم الجبال. ودكَّت مدفعية الجيش مواقعهم، فيما نفذت مروحياته غارات، لم تتوافر على إثرها معلومات عن الخسائر في صفوف المسلحين. وأعلنت مصادر أمنية رسمية مقتل 15 «طالبانياً» في اشتباكات في الساعات ال24 الأخيرة. ونقلت محطة «جيو تي في» الباكستانية عن المصادر أن الجيش أحرز تقدماً جيداً وطهّر منطقة خايسورا من مسلحي «طالبان» وقتل 8 منهم. وخلال عمليات «التطهير» في منطقة شروانغي القريبة، قتل جندي باكستاني وجرح أربعة آخرون، في حين قتل 7 مسلحين في منطقة ملك شاهي. ودارت مواجهات عنيفة بين الجيش ومسلحين مختبئين في مرتفعات محاذية لمنطقة كوتكاي حيث قتل جنديان وجرح 4 آخرون. وأعلنت مصادر أمنية مقتل 6 مقاتلين أجانب في منطقة ساروغا في الساعات ال24 الماضية، مع تقدم القوات البرية باتجاه مواقع رئيسة ل «طالبان باكستان». ودمر الجيش منزلي زعيم الحركة حكيم الله محسود ومساعده الرئيسي قارئ حسين محسود في منطقة كوتكاي. وأبدى مقاتلو الحركة في بعض المناطق مقاومة شرسة. وتقع كوتكاي على الطريق المؤدي إلى جنوب وزيرستان. وسيطرت القوات النظامية لفترة قصيرة على المنطقة الإثنين، لكن المتشددين استعادوها في هجوم مضاد الثلثاء. وفي شمال وزيرستان، أطلق المتشددون قذائف «هاون» في اتجاه معسكر لتدريب حرس الحدود الباكستانيين في منطقة رزماك من دون تسجيل إصابات، في حين قتل 3 « طالبانيين» في اشتباكات مع القوات الباكستانية في المنطقة. على صعيد آخر، لم يستبعد الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبس أن يتخذ الرئيس الأميركي باراك أوباما قراراً بإرسال تعزيزات عسكرية الى أفغانستان، قبل الدورة الثانية من الانتخابات الأفغانية المقررة في الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. ورداً على سؤال هل قرار إرسال القوات يمكن أن يتخذ قبل الدورة الثانية من الانتخابات بين الرئيس الأفغاني حميد كارزاي ومنافسه الرئيسي عبدالله عبدالله، قال غيبس ان «ذلك ممكن بالطبع». وصرح مسؤول أميركي بأن كارزاي قبِل بخوض جولة ثانية بعدما لمَّحت واشنطن الى أن رفضه قد يؤثر سلباً على قرار إرسال التعزيزات لحسم المعركة ضد «طالبان». في الوقت ذاته، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن المنظمة الدولية ترغب في إبدال اكثر من 200 مدقق في فرز الأصوات في أفغانستان متورطين بمخالفات أثناء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 20 آب (أغسطس) الماضي. وأكد ل «بي بي سي» أن الأممالمتحدة ستتخذ «كل التدابير الضرورية في ما يخص الإدارة والأمن» من اجل التأكد من تفادي تكرار المخالفات التي تخللت الجولة الأولى للانتخابات وأدّت الى تقدم مشكوك فيه للرئيس المنتهية ولايته.