استُكمل أمس تنفيذ الخطة الأمنية التي قادتها الأجهزة الرسمية في سجن رومية المركزي ونفذتها فرقة الفهود في قوى الأمن الداخلي أول من أمس، فجرى تنظيم توزيع السجناء (الإسلاميين) المنقولين من المبنى «ب» الى المبنى «د» في شكل متقن ومدروس يعيق التواصل بينهم أو تحضيرهم أعمالاً مخلة بالأمن، وبات استخدامهم الخطوط الخليوية مستحيلاً، بفضل أجهزة التشويش التي تم تشغيلها في السجن، ما جعلهم مفصولين عن العالم الخارجي ويستحيل عليهم تشكيل خلايا إرهابية جديدة. وواصلت القوى الأمنية وشعبة المعلومات في قوى الأمن عمليات البحث عن ممنوعات في المبنى «ب» وعن وثائق قد تظهر إعداد السجناء عمليات إرهابية في لبنان. وإلى محيط السجن استُقدمت تعزيزات أمنية إضافية، ومُنع الأهالي، الذين حضروا ليوم زيارات عادي، من ركن سياراتهم أمام المدخل الرئيس للسجن، كما أقيمت حواجز عديدة على طول الطريق المؤدي إلى السجن. ونقل الأهالي قلق السجناء مما حصل، لكنهم أكدوا أنهم بخير. وانتقل وزير الداخلية نهاد المشنوق إلى السجن أمس، وتفقد المبنى «ب» حيث تجري عمليات البحث عن ممنوعات. وتلقى المشنوق اتصالات من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، مثنية على الدور الذي يقوم به مع الأجهزة الأمنية في حفظ الأمن والاستقرار في البلاد. وتم البحث في الأوضاع الأمنية في لبنان في ضوء الخطة الموضوعة، والتي ستستكمل في منطقة البقاع الشمالي. وترأس المشنوق اجتماعاً لمجلس الأمن المركزي للبحث في تنفيذ الخطة الأمنية في البقاع الشمالي. وناقش المجلس سبل تفعيل الخطة بمشاركة الأجهزة الأمنية والعسكرية، والقبض على المطلوبين، ومصادرة الممنوعات والسيارات المسروقة. وترأس اجتماعاً للمحافظين بحثوا خلاله سبل تفعيل العمل الأمني في المحافظات بالتنسيق بين الشرطة البلدية والقوى الأمنية. وزار منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد المشنوق وأشاد ب «الإنجاز الأمني والسياسي الكبير لوزير الداخلية ولهذه الحكومة». وقال إن الوزير «يدرك أن الوضع مقلق جداً، وعلينا المثابرة والاستمرار في تبريد الأجواء الداخلية لتأمين الأمن والاستقرار». واعتبر عضو كتلة «المستقبل» النيابية عاطف مجدلاني، أن «النجاح الذي حققته القوى الأمنية في سجن رومية، ضربة موجعة تلقتها قوى الإرهاب التي تروع الناس. ويعكس قوة الدولة وقدرات الأمن الشرعي عندما يتوافر له الغطاء السياسي، وعندما يكون على رأسه وزير مسؤول». وقال: «ما جرى في سجن رومية يعتبر خطوة أساسية في استكمال الخطة الأمنية الشاملة على كل الأراضي اللبنانية، والتي توقفت لخلفيات معروفة، وآن الأوان لرفع العوائق السياسية واستكمال الخطة لإعادة الطمأنينة والأمن إلى كل المناطق». وأمل عضو الكتلة سمير الجسر، بأن «تنتهي الحال الشاذة في سجن رومية»، مشيراً إلى أنه خلال الحوار مع «حزب الله» تم التشديد على ضرورة نشر الخطة الأمنية على الأراضي اللبنانية كافة، ولا شيء يحول دون انتقال الخطة الأمنية إلى البقاع، فأهله ليسوا مرتاحين الى الوضع الشاذ من خطف الناس وأخذ خوات». واعتبر عضو الكتلة المذكورة عمّار حوري، أن «عملية سجن رومية ستساهم في استعادة الدولة كثيراً من الأوراق التي كانت فقدت السيطرة عليها في السنوات الماضية»، مرحّباً بأي «خطوة إضافية تُعيد هيبة الدولة في كل مكان». واعتبر أن «هذه الخطوة ربما تأخرت ست سنوات عن الوقت الذي كان يجب أن تحصل فيه، ووصلت الأمور إلى سلطة شبه مستقلة داخل السجن». وهنأ عضو كتلة «التحرير والتنمية» النيابية (برئاسة بري) ياسين جابر «الدولة اللبنانية وقواها الأمنية على إعادة بسط سلطتها على سجن رومية»، معتبراً أن «العملية أعادت ترتيب الأوضاع في السجن، وقضت على أسطورة غرفة العمليات وتجاوزات السجناء. وأعادت هيبة الدولة إلى هذا السجن، ونتمنى أن تكون باكورة العام لبسط سلطة الدولة على الأراضي اللبنانية، ونهنئ وزير الداخلية على إشرافه على هذه العملية». ونوه نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق، بما حصل في سجن رومية «من عملية نوعية في تفكيك الإمارة التكفيرية»، معتبراً أنه «إنجاز لكل الوطن وضربة قاسية للبؤر الإرهابية التكفيرية، وأكدت هذه العملية مجدداً أن لبنان كله واقف في وجه كل التكفير الإرهابي، وقادر على صنع هزيمتهم أينما كانوا ووجدوا». ولفت قاووق إلى أن «الإرهابيين التكفيريين المجرمين عندما فجروا في جبل محسن كان هدفهم إشعال فتيل الفتنة، ولكنهم فشلوا في تحقيقه بحكمة ووطنية ووعي أهلنا هناك، الذين حولوا الفاجعة إلى فرصة لتحصين الوحدة الوطنية»، معتبراً أن «هذه العملية امتداد للعدوان التكفيري الواسع على الأمة الذي يضرب في أفغانستان وباكستان والعراق واليمن وسورية ولبنان، فالمعركة لا توفر أحداً، لا العسكريين المخطوفين ولا قرانا في البقاع ولا حتى أهلنا في عرسال»، مشدداً على «ضرورة أن يشخص الجميع العدو بشكل واضح ودقيق، لأن «داعش» و «النصرة» وجهان لإرهاب وتكفير وإجرام واحد». وفي السياق الأمني، نفذت قوة مؤللة من الجيش اللبناني مداهمات في منطقة وادي النحلة في البداوي (شمالاً)، ودخلت بعض المنازل بحثاً عن مطلوبين، بعدما أغلقت جميع المداخل المؤدية من وادي النحلة وإليها. وأكد أمس، رئيس بلدية البداوي حسن غمراوي أمام فاعليات أنه «مع تطبيق الخطة الأمنية، اتجهت الأمور نحو الاستقرار، ونحن استنكرنا الانفجارين الانتحاريين اللذين طاولا الأبرياء في جبل محسن، على يد اثنين من أبناء منطقة المنكوبين، ونشدد على أن هذه الأعمال الإجرامية لا تمت إلى أهالي البداوي والمنكوبين بصلة، فنحن وأهالي جبل محسن أبناء منطقة واحدة، ومصابهم هو مصابنا». ونفذ ناشطون مدنيون ونقابيون، بدعوة من تجمع الجمعيات المدنية في منطقتي التبانة وجبل محسن، وقفة تضامنية مع أهالي جبل محسن وأهالي ضحايا التفجير فيه. وأكدوا في بيان ان «هذه المنطقة الصابرة على كل الحروب التي عصفت بها، ظلت متماسكة بغالبيتها تنادي بالوحدة والتلاحم والائتلاف. والعملية الارهابية التي نفذت لم تكن سوى وصمة عار جديدة على جبين تجار الأزمات وسماسرة الأرواح وجهلة الأديان لكن أهالي هذه المناطق المتنازعة سابقاً سيظلون مواطنين من الدرجة الأولى».