بقي الهاجس الأمني مسيطراً على فرنسا، وتحديداً عاصمتها باريس، بعد الاعتداءات التي استهدفتها الأسبوع الماضي وأسفرت عن 17 قتيلاً، إذ أعلنت السلطات نشر حوالى 5 آلاف شرطي ودركي لحماية 717 مدرسة وأماكن عبادة يهودية، وأن 10 آلاف من عناصر الجيش سيتمركزون بدءاً من اليوم لضمان أمن «نقاط حساسة» تتضمن مؤسسات تعليمية وطبية وأماكن عبادة وإدارات عامة ومؤسسات إعلامية. (للمزيد) ولفتت مطالبة مرصد مكافحة «الإسلاموفوبيا» التابع للمجلس الفرنسي للديانة المسلمة، ب «تعزيز الرقابة على المساجد»، بعد تسجيل وزارة الداخلية أكثر من 50 عملاً مناهضاً للمسلمين في فرنسا، بينها 21 اعتداء بإطلاق نار أو إلقاء قنابل، و33 تهديداً عبر رسائل أو توجيه شتائم، منذ أن هاجم الشقيقان شريف وسعيد كواشي الأربعاء الماضي صحيفة «شارلي إيبدو» التي قررت نشر رسوم كاريكاتورية جديدة مسيئة للإسلام في عددها المرتقب غداً، معلنة «عدم التنازل بشيء للمتطرفين الذين يسعون لإسكاتنا». وفي وقت تستمر حملة مطاردة «شريك أو أكثر» لمنفذي اعتداءات باريس، أعلن رئيس الوزراء مانويل فالس أن 1400 فرنسي أو مقيم في البلاد رحلوا أو أبدو رغبة في الرحيل للقتال في سورية والعراق، مع ترجيح مقتل 70 منهم. وقال: «إنها زيادة كبيرة في وقت قصير، إذ كان هؤلاء المشبوهين 30 حين توليت منصب وزير الداخلية منتصف 2012». وكان اجتماع أمني في قصر الإليزيه ناقش مجموعة إجراءات قيد الدرس لتحديد سبل التضييق على أشخاص تربطهم صلات بأوساط أصولية وجهادية، وحول التدابير المواكبة لاعتقالهم للحيلولة دون تجنيدهم سجناء آخرين. وانضمت الجزائر إلى التحقيق الذي فتح في فرنسا لتوضيح تحركات «خلية كواشي» وعلاقاتها، ويمتد إلى تركيا وسورية واليمن، في وقت دار جدل بين أنقرة ودمشق بعد اعتراف وزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو، أن حياة بومدين، زوجة الشريك الثالث في «خلية كواشي» أحمدي كوليبالي، دخلت سورية في 8 الشهر الجاري عبر تركيا، التي قدِمت إليها من مدريد في الثاني من الجاري. وأفادت وزارة الخارجية السورية بأن «كلام جاوش أوغلو عن دخول بومدين سورية عبر تركيا يُشكل اعترافاً رسمياً بأن تركيا لا تزال تشكل المعبر الرئيس لتسلل الإرهابيين الأجانب الى سورية، وعودتهم إلى الدول التي انطلقوا منها، في انتهاك فاضح لقرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الإرهاب». وأضافت: «أنقرة شريك مباشر في سفك دماء السوريين والأبرياء في أنحاء العالم. لذا نطالب المجتمع الدولي بالتحرك بفاعلية لإنهاء سياستها المدمرة المسؤولة عن تنامي النشاط التكفيري للإرهابيين في المنطقة» . ورد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو من برلين قائلاً: «لا يمكن لومنا على دخول بومدين أراضينا قبل هجمات باريس». وزاد: «يلزمها أولاً معلومات استخباراتية لمنع دخول مسافرين مشبوهين. وقد رحلنا سابقاً بين 1500 وألفي أجنبي بسبب إدراج أسمائهم على لائحة سوداء قدمتها وكالات استخبارات أجنبية». في ألمانيا، نظمت حركة «بيغيدا» المناهضة للإسلام مسيرتها الأسبوعية في دريسدن ليل أمس، فيما أعلنت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أنها ستتصدر صفوف المشاركين في تظاهرة تنظمها جمعيات إسلامية بعنوان «اليوم من أجل ألمانيا منفتحة ومتسامحة»، أمام بوابة براندبورغ ببرلين. وسينضم إلى مركل الرئيس الألماني يواكيم غوك ونائبها سيغمار غابريال ووزراء آخرون، بينهم وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير. وتوقعت وزارة الداخلية أن تقر الحكومة مشروع قانون يقضي بسحب بطاقات الهوية من جهاديين محتملين نحو ثلاث سنوات، وهي ضعف المدة التي كانت مقررة سابقاً، من أجل منعهم من الانضمام إلى متشددين في الشرق الأوسط. ويقول مسؤولون ألمان إن حوالى 550 مواطناً انضموا إلى القتال في سورية، ويعتقد بأن 180 منهم عادوا إلى الوطن. في الفاتيكان، نفى الناطق باسم الكرسي الرسولي الأب فدريكو لومباردي، تقارير إعلامية تحدثت عن تلقي البابا فرنسيس تحذيرات محددة من أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية تفيد باحتمال أن يكون الهدف التالي على لائحة هجمات المتشددين الإسلاميين. ترافق ذلك مع إدانة البابا فرنسيس «الأشكال المنحرفة للدين»، حاضّاً زعماء المسلمين في العالم على إدانة التفسيرات المتشددة للدين التي «تبرر العنف لتنفيذ مخططات عقائدية غرضها الوحيد هو السلطة على آخرين».