تربعت دبي كعادتها في الأعوام الماضية على قائمة الوجهات السياحية التي يقصدها السعوديون، خصوصاً في الإجازات القصيرة، إذا زار دبي بحسب إحصاءات العام الماضي 2014 حوالى 1.8 مليون سعودي. ووفق متخصصين وعاملين في سوق السياحة والسفر، جاءت القاهرة وشرم الشيخ في المرتبة الثانية التي يقصدها السعوديون، إذ ارتفعت نسب الإقبال عليهما بشكل كبير في الأشهر الأخيرة، بمعدل نمو يصل إلى 300 في المئة، وقدرت الدراسات التي أجريت على قطاع السياحة معدل إنفاق السعوديين على السفر والسياحة ب80 بليون ريال سنوياً. وأشاروا إلى إغلاق الحجوزات خلال أيام إجازة منتصف العام الدراسي المقبلة لعدد من الدول العربية القريبة منذ أسبوعين، منوهين في الوقت ذاته إلى أن نسب إشغال الرحلات بلغت 100 في المئة، إضافة إلى أن معدل حجوزات الانتظار هو ذاته لعدد المقاعد في الرحلة الواحدة. وقال نائب رئيس اللجنة السياحية في غرفة الرياض عضو اللجنة الوطنية للسياحة والسفر وليد السبيعي ل«الحياة»: «لا تزال مدينة دبي تحتل الصدارة في نسب إقبال السعوديين، إذ تم إغلاق كل الحجوزات على رحلات الذهاب لدبي في أيام إجازة منتصف العام الدراسي وعلى جميع خطوط الطيران الناقلة من المدن السعودية إلى دبي، أي ما يقارب 5000 مسافر يومياً إلى دبي». وأشار إلى أن قصر أيام الإجازة والتي تبلغ سبعة أيام فقط من أهم الأسباب التي أسهمت في إغلاق الحجوزات بسرعة. وبحسب السبيعي، ليست دبي الوحيدة من الوجهات السياحة التي يقصدها السعوديون والتي تم إغلاق رحلاتها وقال: «جميع الرحلات للدول العربية القريبة التي يقصدها السعوديون خلال إجازة منتصف العام مثل القاهرة وشرم الشيخ في مصر، إضافة إلى بيروت أغلقت رحلاتها في هذا الوقت»، مشيراً إلى أن غالبية السعوديين الذين يقضون إجازاتهم في الخارج يفضلون الدول القريبة في الإجازات القصيرة. واستدرك بالقول: «يوجد سعوديون يحبون الثلوج وممارسة هواية التزلج على الجليد ويفضلون قضاء إجازاتهم في العواصم الأوروبية والتي تتصدرها لندن إضافة إلى باريس»، موضحاً أن نسبة الحجوزات على هذه المدن وصلت إلى 80 في المئة وقال: «هناك إمكان للحجز والسفر خلال الإجازة إلى العواصم الأوروبية، إذ توجد مقاعد شاغرة». ورأى أن السفر في الإجازات أصبح من الضروريات للأسر السعودية، وليس شيئاً كمالياً كما كان في السابق لدى بعض السعوديين وقال: «هناك شريحة كبيرة من السعوديين اعتادوا على السفر بمتوسط مرتين إلى ثلاث سنوياً، وغالبية تلك الرحلات تكون ضمن الإجازات المدرسية بهدف الترفيه الأسري». وزاد: «السفر لا يقتصر على شريحة من دون أخرى في السعودية. غالبية ذوي الدخل المحدود أصبحوا يرتبون سفرهم ورحلاتهم للخارج من خلال عمل الحجوزات وشراء التذاكر منذ فترة، إضافة إلى حجز فنادق في الدولة التي يرغبون في السفر لديها بحسب إمكاناتهم، إذ ليس بالضرورة أن تكون فنادق خمس نجوم». غير أنه أشار إلى أن حجوزات الفنادق وتحديداً في دبي أغلقت منذ فترة، خصوصاً تلك التي اعتاد السعوديون على النزول فيها. وحول الحركة السياحية الداخلية، استبعد السبيعي أن تكون هناك حركة سياحية داخلية مشابهة لما يحدث في الحركة السياحية الخارجية للسعوديين. وأضاف: «في الإجازات هناك حركة تنقل بين مناطق السعودية، ولكن في الغالب تكون زيارات عائلية، إذ توجد عوائل سعودية تفضل الذهاب لأسرها خلال الإجازات المدرسية». إلا أن السبيعي أشار إلى وجود إقبال على زيارة مدينة جدة في إجازة الربيع من بعض العوائل السعودية، وتظل العمرة هي الهدف الرئيس لقرب مدينة جدة من مكةالمكرمة، ولكن في المجمل يظل هذا التوجه ذا معدلات منخفضة من العوائل السعودية قياساً بحركة السفر للخارج. من جهته، أكد عضو لجنة السياحة بالغرفة التجارية الصناعية في الرياض مهيدب المهيدب، في حديثه ل«الحياة»، أن دبي تعد الوجهة الرئيسة للسعوديين خلال إجازة منتصف العام الدراسي، وعزا ذلك إلى اعتدال الأجواء فيها خلال هذه الفترة من العام، إذ تراوح درجات الحرارة ما بين 25 و18 درجة مئوية. وقال: «غالبية الحجوزات على دبي أغلقت خلال الأيام الماضية»، منوهاً إلى أن هناك دولاً أخرى من الخليج العربي تشهد إقبالاً لقضاء الإجازة فيها مثل البحرين، والتي تأتي في المرتبة الثانية بعد دبي بالنسبة لدول الخليج العربي، إذ تقدر نسب المسافرين لها خلال هذه الإجازة بنحو 20 في المئة من إجمالي المسافرين لدول الخليج، علاوة على قطر والكويت بنسب بسيطة. وأشار المهيدب إلى ارتفاع كبير في السفر إلى مصر، خصوصاً القاهرة وشرم الشيخ، وزاد: «معدلات السفر إلى مصر، خصوصاً مدينتي القاهرة وشرم الشيخ، ارتفعت بنسب كبيرة بعد هدوء الأوضاع الداخلية فيها، إذ وصلت إلى 300 في المئة، خصوصاً في الأشهر الثلاثة الأخيرة». وبحسب المهيدب، فإن التوجه قليل لدول أوروبا وفي الغالب لفئة معينة اعتادت قضاء إجازاتها في العواصم الأوروبية، مستدركاً بالقول: «هناك ضغط في الحجوزات على أوروبا بسبب قرب الإجازة المدرسية من الأعياد في أوروبا، وتوجد شريحة كبيرة من المقيمين في السعودية يتوجهون إلى أوروبا لقضاء إجازات عائلية بمناسبة أعيادهم». ورأى المهيدب أن مدينة جدة تعد واجهة سياحية داخلية يتوجه لها السعوديون خلال الإجازات القصيرة، خصوصاً عطلة الربيع لاعتدال الجو فيها، غير أن «الإشكالية في عدم الإقبال على جدة كوجهة سياحية داخلية في الإجازات القصيرة تكمن في عدم توافر الحجوزات لها من الرياض تحديداً، إذ تم إغلاق الرحلات لجدة منذ شهر تقريباً ومن الصعب الذهاب إليها بالسيارة لبعد المسافة مقارنة بالمنطقة الشرقية». وطالب بزيادة عدد الرحلات الداخلية وبدء تشغيل خطوط الطيران الجديدة التي ستسهم بشكل كبير في زيادة الإقبال على السياحة الداخلية عموماً وعلى جدة خصوصاً. ولفت المهيدب إلى وجود توجه من البعض لقضاء عدد من أيام الإجازة المدرسية في بر الرياض، الذي يستهوي الكثيرين بعد هطول الأمطار ووجود مساحات خضراء، موضحاً أن غالبية رواد البر من فئة الشباب، ولكن العوائل تجد صعوبة في الذهاب للبر لعدم توافر خدمات، ما يدفع العوائل إلى اختيار السفر لدول قريبة مثل دبي وغيرها من الوجهات العربية القريبة. قلة إمكانات السياحة الداخلية وارتفاع أسعارها أوضح ناصر بن طشة وهو صاحب وكالة سفر وسياحة في جدة، في حديثه ل«الحياة»، أن هناك إقبالاً كبيراً من السعوديين على قضاء إجازة الربيع في الخارج. وقال: «إن معدلات الحجوزات ارتفعت إلى 80 في المئة خلال الأسبوعين الماضيين من العوائل السعودية التي ترغب في قضاء إجازة منتصف العام الدراسي بالخارج»، منوهاً إلى أن قلة الإمكانات السياحية الداخلية وارتفاع الأسعار أسهما بشكل كبير في عدم إقبال السعوديين عليها. واستطرد: «أسعار الأماكن السياحية في جدة مرتفعة بشكل كبير في الإجازات، إذ تتضاعف أسعار الشاليهات في منطقة أبحر في أوقات الذروة والإجازات والأعياد بشكل مبالغ فيه». وزاد: «الأسعار في الغالب تراوح ما بين 7 و21 ألف ريال في بعض الشاليهات داخل مدينة جدة، وهو سعر مقارب لأسعار الرحلات السياحية للخارج، ولعل هذا ما دفع بعض السعوديين إلى التوجه للخارج لاكتشاف وزيارة دول جديدة لم يعرفوها سابقاً». وعن ارتفاع أسعار تذاكر السفر في الإجازة الدراسية، أشار إلى أن هناك ارتفاعاً في أسعار التذاكر التي تشترى في هذا الوقت بنسب تصل إلى 50 في المئة عما كانت عليه قبل أيام الإجازة، موضحاً أن غالبية توجه الأسر السعودية في هذه الإجازة إلى الدول القريبة، وفي مقدمها دبي التي تحتل الصدارة بجانب محطتي القاهرة وشرم الشيخ اللتين تشهدان إقبالاً كبيراً من السعوديين. وأضاف: «تظل العواصم الأوروبية ذات طابع خاص، لاسيما لدى الأسر السعودية التي اعتادت على الذهاب لها في فصل الشتاء للاستماع بالثلوج والأجواء الشتوية، كما أن تركيا تعد محطة رئيسة لمحبي الثلوج من السعوديين». ونوه بوجود توجه إلى دول شرق آسيا، ولكن ليس بمعدلات الدول الأخرى، لاسيما أن بعد المسافة إضافة إلى قصر الإجازة من الأسباب التي تجعل بعض السعوديين لا يرغبون في السفر إليها خلال الإجازات القصيرة. جدة: توقعات بنسب إشغال تصل إلى 90 في المئة توقع رئيس اللجنة السياحية في الغرفة التجارية الصناعية في جدة الأمير عبدالله بن سعود، أن تصل نسب الإشغال في فنادق جدة ومراكز الإيواء كالشقق المفروشة إلى 90 في المئة خلال إجازة منتصف العام الدراسي المقبلة. وقال ل«الحياة»: «مدينة جدة تعد الوجهة السياحية الداخلية الأولى بين جميع مناطق السعودية، خصوصاً في هذه الفترة من العام، بسبب اعتدال المناخ فيها قياساً بالأجواء الباردة في المناطق السعودية كافة». وأضاف: «جدة مهيأة كوجهة سياحية داخلية لوجود العديد من المرافق السياحية بها من فنادق ومركز إيواء، إضافة إلى المراكز التجارية والمدن الترفيهية وشاطئ الكورنيش، وما يوجد به من مرافق سياحية تناسب جميع أفراد العائلة الواحدة من مختلف الأعمار». واستدرك بالقول: «ما ينقص جدة لتكون منافساً قوياً للعديد من المدن التي تستقطب السياح السعوديين في الإجازات هو المهرجانات المميزة والمتنوعة. للأسف لا تزال المهرجانات داخل المدينة لا ترقى للمستوى المأمول منها، إضافة إلى قلتها وعدم تنظيمها بشكل مستمر في الإجازات». واستبعد رئيس اللجنة السياحية أن تكون الأسعار داخل مدينة جدة مرتفعة في الإجازات، وقال: «نسمع كثيراً عن ارتفاع أسعار المرافق السياحية داخل مدينة جدة، وللأسف فإن البعض يروج لهذا الادعاء من دون وجود دليل على ارتفاع الأسعار». وزاد: «البعض يقارن أسعار المرافق السياحية في جدة بمرافق أقل منها في المستوى في دول أخرى، ونأمل بأن تكون المقارنة بشكل عادل». واستدرك بالقول: «جدة تعاني من الموسمية، إذ إن هنالك 200 يوم في العام من الركود داخل المرافق السياحية، والمتبقي هو 160 يوماً وهي أقل من 50 في المئة من العام تشهد إقبالاً على مرافق الإيواء»، مشيراً إلى أن هناك ارتفاعاً في بعض مرافق الإيواء في جدة يصل إلى 100 في المئة، وعذر أصحاب مركز الإيواء عدم تحقيقهم أرباحاً إلا في المواسم.