تربع الموسيقي عليم قاسيموف «على منصة صغيرة جهزت له، ممسكاً الدف، مواجهاً مع ابنته فرجانا تحدياً جديداً، فموسيقى «الموجام» التقليدية بما تحمله من تعقيد تقني، تمزج الأشعار العربية والفارسية والأذرية مع النقلات والارتجالات «الموجامية». و «الموجام» الأذري أخذ اسمه عن «المقام» العراقي لمشابهته الشديدة له، أما قاسيموف فهو أسطورة هذا النوع الموسيقي في أذربيجان، وهو أحد أهم مرتجليه. «ما قدم كان حواراً متألقاً بين أكثر من ثقافة، وعلى رغم أدائنا لغات عدة في أغنية «مرمر زماني»، لكن الكل عزف على مقام واحد، وأنا سعيد لكون الموسيقيين الشباب استطاعوا أن يتفاعلوا مع موسيقاي ولم يكتفوا بفهمها» يقول قاسيموف ل «الحياة» حول أدائه المشترك للأغنية التراثية الشامية مع موسيقيين شبان عرب في الحفلة الثالثة لختام ملتقى «ري ميكس آسيا» التجريبي في دورته الخامسة، الذي أقيم في دار الأوبرا الدمشقية. وأشرف قاسيموف على الملتقى إلى جانب شربل روحانا (لبنان)، وخالد محمد علي (العراق)، وهما بدورهما قدما في الحفلة ذاتها بعضاً من مؤلفاتهما الموسيقية . ومع صعوبة تقبل الأذن «خلطة موسيقية» تجمع الموال العربي مع الأشعار الأذرية، لكن قاسيموف بدا راضياً عن طرحه أغنية «مرمر زماني» بشكل موسيقي غير كلاسيكي، معتبراً أن الأمر هو «التقاء لغات من ثقافات متعددة في الغناء ضمن روح موسيقية مقامية واحدة»، مضيفاً أن الوقت القصير لم يمنع التجربة أن تكون مذهلة». شارك في الملتقى 17 موسيقياً من سورية ولبنان ومصر والأردن والعراق وتونس وأذربيجان وأوزبكستان، بتنظيم من مؤسسة المورد الثقافي الإقليمية، وبالتعاون مع مؤسسة الآغا خان للثقافة. امتد اللقاء على خمسة أيام في مدينة الإسكندرية، وختم بأربع حفلات قدمت اثنتان منها على مسرح «الجنينة» في القاهرة، بينما استضاف دار «رجب باشا» الحلبي حفلة، وكانت الحفلة الختامية في دار الأوبرا بدمشق. تشكيلة فريدة من الآلات الموسيقية إلى جانب الغناء، أنتجها الملتقى، كما ان الأسماء الموسيقية الشابة أحضرت مؤلفاتها الخاصة معها، فبدأ محمد علي بمقطوعته «حكاية لونغا»، وبعدها مقطوعة «ضيعة» لمسلم رحال، التي استحضرت أجواء افتقدها المسرح الدمشقي منذ فترة، فتفريدات عباس قاسيموف الإيقاعية التي أذهلت الحضور، أما من التراث التونسي فاستمع الجمهور إلى «علي ابن مريم». روحانا قدر مستوى الورشة بالممتاز، مركزاً على أهمية اعتياد العمل الجماعي في فن الموسيقى الفردي، حيث رأى أنه جوهر ورشة العمل. وأضاف : «استفادتي من هذا الملتقى، تكمن في تعرفي إلى الموسيقى الأذرية والأوزبكستانية، والاختلاف بيننا في التقنية الموسيقية، لا يلغي أن موسيقانا من المقام ذاته، فالانطباعات التي أخذها الموسيقيون العرب عن الموسيقى الآسيوية تماثل ما تلقاه المشاركون في الجانب المقابل». وأشار روحانا الى أن شخصيته الموسيقية دُمجت مع شخصيات الموسيقيين الشباب، عبر ارتجالات مقامية لمؤلفاته، عزفوها سوية، ومنها مقطوعتاه الموسيقيتان «المنارة»، و «أم المرادم» التي استخدم في تقديمهما آلات أذرية كالطارة، كما عزف وغنى معه المشاركون أغنيته «بالعربي». الملتقى ركز على العزف والتأليف الموسيقي، بينما اقتصر الغناء على المشاركات نرجس سلمونة، يسرى حمزاوي، وفرجانا قاسيموف المشاركة بالعزف على «الدف» أيضاً.