أنقرة – موقع «سي أن أن» الالكتروني – يعتبر مضيق البوسفور، منذ العصور الوسطى، الشريان الرئيس للتجارة من البحر الأسود إلى أوروبا وأفريقيا. أما الآن، وخلال ساعات الذروة، تمر ناقلة نفط كل 20 دقيقة عبر خط بحري يعمل على إيصال النفط والمنتجات الأخرى. لكن في لعبة المصالح الكبيرة بين الجغرافيا والسياسة والطاقة، لن يحدّد عدد ناقلات النفط، التي تعبر المضيق، الوضع الاستراتيجي لتركيا، بل أنابيب النفط والغاز التي تعبر البلاد. يقول المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية نوبو تاناكا: «تعدُّ تركيا جسراً بين الغرب والشرق، وتساهم في قطاع الطاقة، في إيصال الموارد من منتصف الشرق إلى الغرب، وفي شكلٍ كبير». وتتميز تركيا بقربها من نحو 70 في المئة من الاحتياطات المعروفة في العالم من النفط والغاز في الشرق الأوسط، وتقع أيضاً في جوار واحدة من أكبر المناطق المستهلكة، هي أوروبا. ومنذ 3 سنوات تعمل روسيا في بعض الأحيان على قطع إمدادات الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا، ما يزيد احتمالات تحول تركيا إلى نقطة عبور. وفي البداية كان يعتقد أن محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، من شأنها أن تساعد في تحديد دور الدولة بصفتها مركزاً للطاقة، لكن مع تنامي الطلب الأوروبي المرتقب على مدى العقد المقبل، فإن السياسة قد تؤدي فقط إلى تعقيد الأمور. ويقول رئيس مجلس إدارة «توركيواز» إيركوت يوكاوغلو: «من الواضح أن تركيا والولايات المتحدة تنظران إلى الأمر من زاوية مختلفة، لتظهران للعالم أن المشروع إلى حد ما يذهب أبعد بقليل من كونه مشروعاً أوروبياً». ويشير محللون إلى أن زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى تركيا تعد دليلاً آخر على أهمية هذا البلد، وتعزيزاً لموقفه في مجال الطاقة والنقل، وجسراً مع العالم الإسلامي. فالولايات المتحدة من أكبر المؤيدين لخط أنابيب «بي تي سي»، الذي يبلغ طوله ألف ميل، وافتتح قبل ثلاث سنوات، ليبدأ في باكو، أذربيجان، وينتهي في الساحل الجنوبي الشرقي لتركيا. أما الهدف التالي فهو ما يسمى بخط أنابيب الغاز «نابوكو،» الذي سينقل الإمدادات من آسيا الوسطى إلى النمسا عبر تركيا، منافساً بذلك الخط الروسي عبر أوكرانيا. وللمساعدة في تحقيق المشروع، عمد الاتحاد الأوروبي أخيراً إلى ضخ ربع بليون دولار لتسريع الخطى نحو الانتهاء من أزمة تمويله. ويقول رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو: «أمن الطاقة هو في الواقع احدى الأولويات، ويمكننا استخدام هذه الأزمة في المدى المتوسط لإعادة هيكلة الاقتصاد على أن يكون أكثر تنافسية وكفاءة في الأجلين المتوسط والطويل». وينضم خط «نابوكو» إلى خطوط أنابيب غاز تعبر تركيا، التي تستفيد بدورها منها فتتقاضى رسوم عبور على امتداد الأنابيب.