عكس التضخم اتجاهه النزولي للمرة الأولى في أربعة أشهر في السعودية، واتجه صوب الارتفاع، إذ كشفت بيانات رسمية أمس، عن زيادة معدل التضخم السنوي إلى 4.4 في المئة في أيلول (سبتمبر) مرتفعاً من 4.1 في المئة في آب (أغسطس)، وذلك في أول زيادة في أربعة أشهر، والتي تزامنت مع شهر رمضان. وأوضحت الأرقام التي نشرتها مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات ارتفاع مؤشر تكاليف المعيشة إلى 123.5 نقطة في سبتمبر من 118.3 نقطة قبل عام. وكان المؤشر سجل 122.7 في أغسطس. وتزامن شهر سبتمبر هذا العام مع نحو 20 يوماً من شهر رمضان الذي يشهد طفرة في الطلب الاستهلاكي. وتشهد معدلات التضخم تراجعاً سريعاً في السعودية أكبر اقتصاد عربي، إذ ساعد انحدار أسعار السلع الأولية وتحسن الدولار على خفض تكاليف الواردات، لكن في الأشهر الأخيرة تعرض الدولار لضغوط نزولية في حين انتعشت أسعار السلع الأولية. وأرجعت مصلحة الإحصاءات في تقرير لها ارتفاع الرقم القياسي لتكاليف المعيشة إلى الصعود الذي سجلته سبع من المجموعات الرئيسية المكونة للرقم القياسي، وهي مجموعة الترميم والإيجار والوقود والمياه التي ارتفعت بنسبة 12.2 في المئة، ومجموعة التأثيث المنزلي بنسبة 7.6 في المئة، ومجموعة النقل والاتصالات بنسبة 1.2 في المئة، ومجموعة التعليم والترويح بنسبة 0.9 في المئة، ومجموعة الأطعمة والمشروبات بنسبة 0.4 في المئة، ومجموعة الرعاية الطبية بنسبة 0.2 في المئة. وسجلت مجموعة واحدة من المجموعات الرئيسية المكونة للرقم القياسي لكلفة المعيشة انخفاضاً في مؤشراتها القياسية وهي مجموعة الأقمشة والملابس والأحذية بنسبة 0.1 في المئة. وأرجع أكاديميون أسباب ارتفاع التضخم في السعودية خلال شهر سبتمبر الى زيادة أسعار المواد الغذائية الأساسية. وقال الاكاديمي عبدالعزيز سلطان: «إن التضخم مسألة تحتاج إلى أساليب دقيقة في التعامل معها لرفع الضرر عن المستهلك، وهذا الأمر يؤثر سلباً في العملية الاقتصادية ودفع عجلة التنمية». وأشار إلى أن التضخم وراءه «التلاعب الذي حدث في الأسواق وعدم الالتزام بالأسعار وجشع التجار وعدم وجود رقيب اقتصادي على كبار التجار، فالواقع الاقتصادي يكشف حقيقة سبب عودة ارتفاع التضخم مرة أخرى». وأضاف أنه إذا بحثنا في أسباب ارتفاع المواد الغذائية، سنجد أنه في ما يخص الموارد الزراعية فقد ارتفعت خلال الشهرين الاخيرين لزيادة سعرها في البلد المورد، خصوصاً أن تلك الدول تتعرض إلى تغيرات مناخية، وهي دخول فصل الشتاء وقلة المحاضيل الزراعية، وكل ذلك يحتاج الى دراسات ومعرفة الأسباب الداخلية والخارجية، موضحاً أن الأسباب الخارجية لا ذنب للمواطن بتحملها. ولم يجد العقاريون تفسيراً لارتفاع التضخم بعد أشهر من التراجع إلا عبر قولهم «ارتفاع الإيجارات»، وهذه المسألة لها تأثيرات عالية على المؤشر العام للتضخم، إذ ارتفع مؤشر العقار طوال شهر سبتمبر، وشهد انخفاضاً طفيفاً لفترة بسيطة فقط. ويعتبر العقاري فوزي الجبر أن «ارتفاع أسعار مواد البناء والخدمات والأراضي أدى إلى ارتفاع العقارات، ولم يكن لدينا قدرة على السيطرة على أسباب ارتفاع أسعار السكن التي يمثل العبء الأكبر على المستهلك. واقترح رسم سياسات اقتصادية تنظيمية وتطبيقها، حتى لايصبح التاجر هو المتحكم في مؤشر التضخم، وطالب الوزارات المعنية بالتدخل والتحكم في منح القروض التي تزيد السيولة في الاقتصاد، وترفع التضخم.