فجرت اسرائيل جهازاً متطوراً تستخدمه للمراقبة والتنصت والإرسال والتحكم بالمعلومات التي تقوم بتجميعها كانت زرعته في خراج بلدة حولا الجنوبية الحدودية (قضاء مرجعيون) في المنطقة التي تربطها ببلدة ميس الجبل وتبعد عن الحدود الدولية اللبنانية - الإسرائيلية نحو كيلومتر ويفصل بينهما موقع العباد الحدودي الذي تتمركز فيه الوحدة الهندية التابعة ل «يونيفيل» والمكلفة مراقبة المنطقة. في معلومات أمنية ولوجستية خاصة ب «الحياة» أن اسرائيل فجرت الجهاز المتطور على مرحلتين ما أدّى الى تدمير قطعتين منه، الأولى تستخدم للتنصت والمراقبة والتصوير والثانية للإرسال. وكشفت قوة مشتركة من الجيش اللبناني والقوات الدولية المتمركزة في منطقة جنوب الليطاني عن القطعة الثالثة منه وهي تتحكم بآلية ارسال المعلومات. وبحسب المعلومات أن جهاز التنصت الذي يتألف من ثلاث قطع موصولة بعبوات ناسفة يستخدمها الجيش الإسرائيلي لتدمير الجهاز في حال تبين له، من خلال جهاز الإرسال الكبير المزود بأحدث الكاميرات وأجهزة المراقبة والموضوع في مستعمرة المنارة الحدودية على مقربة من تمركز القوات الدولية في محلة العباد المطلة على بلدتي حولا وميس الجبل، أن جهة لبنانية أوشكت على وضع يدها على الجهاز لمنعها من تحديد تقنياته والإفادة منها. ورجحت المصادر الأمنية أن يكون مركز المراقبة الإسرائيلي في مستعمرة المنارة سجل تحركاً لجهة لبنانية رفضت الكشف عن اسمها باتجاه جهاز التنصت وأن هذه الجهة اقتربت من وضع اليد عليه، ما دفع العاملين في مراكز المراقبة الى تفجيره لاسلكياً باعتبار ان الطبيعة الجغرافية للمنطقة تتيح لهم رؤية أي تحرك في حال سمح الطقس بذلك من دون الاستعانة بمركز المراقبة. وكشفت المصادر نفسها أن الجهاز الذي تم تفجيره وضع على بعد أمتار من شبكة للاتصالات الهاتفية تردد بأن المقاومة تستعملها في رصدها لتحركات الجيش الإسرائيلي خصوصاً في حال توغله داخل الأراضي اللبنانية. ورداً على سؤال نفت هذه المصادر أن تكون جهة لبنانية، لم تفصح عن هويتها، وراء تفجير جهاز التنصت وعزت السبب الى ان لا مصلحة لها بذلك طالما أنها قادرة على مصادرته والكشف عليه لتبيان آلية عمله سواء في المراقبة أو في التنصت وتسجيل المكالمات وتحليلها من خلال الذبذبات الناجمة عن الاتصالات. ولفتت المصادر الى ان جهاز التنصت قادر على تخزين المعلومات التي تزوده بها طائرات الاستطلاع الإسرائيلية التي تحلق في شكل دائم فوق أجواء الجنوب والتي تستخدمها اسرائيل لمراقبة أي تحرك على الأرض اللبنانية، وتحديداً في المناطق اللبنانية المحاذية لها، علماً أن هذا النوع من الطائرات المعروفة ب «أم - ك» يعمل من دون طيار وأن جهاز التنصت يقوم بالتحكم بالمعلومات ليرسلها تباعاً الى مركز المراقبة في مستعمرة المنارة. وأكدت أن الجيش الإسرائيلي وضع جهاز التنصت في منطقة وعرة ترتبط بوادي السلوقي ومن خلاله بوادي الحجير الذي لم ينجح في السيطرة عليه في حربه العدوانية في تموز (يوليو) 2006 على لبنان وكان وراء اخفاقه في توجيه ضربات قاسية للمقاومة التي نجحت في تكبيده خسائر جسيمة في الأرواح والمعدات. لكن المصادر عينها لم تحدد ما إذا كان الجيش الإسرائيلي وضع جهاز التنصت خلال حرب تموز أو أنه نصبه لاحقاً من خلال عملية أمنية نوعية أتاحت له التسلل الى هذه المنطقة بهدف زرع هذا الجهاز المتطور. وأوضحت المصادر أن الجيش الإسرائيلي قام أولاً بتفجير قسم الإرسال في الجهاز وذلك فجر أمس، ثم عاد صباح أمس الى تفجير قسم التنصت من دون أن يتمكن من تفجير قسم التحكم فيه الذي فجره الجيش لاحقاً. تجنباً لإمكان قيام اسرائيل بتفجيره في القوة المشتركة في حال محاولة تفكيكه. وإذ أكدت المصادر أن الجهاز الذي فجرته اسرائيل أمس يعتبر واحداً من منظومة متطورة للتنصت والإرسال والتحكم بالمعلومات قالت إنه تقرر تشكيل لجنة تحقيق مشتركة من «يونيفيل» والجيش اللبناني يفترض أن تكون باشرت عملها بعد ظهر أمس وتضم مجموعة من الضباط الاختصاصيين في هذا المجال، لافتة الى أن عناصر تابعة للجنة التحقيق فرضت طوقاً في المكان الذي زرع فيه الجهاز ومنعت أهالي البلدات المجاورة من الدخول الى المنطقة أو الاقتراب منها. بدورها قالت مصادر رسمية لبنانية ل «الحياة» ان تفجير اسرائيل الجهاز الذي كانت زرعته في خلة العنق بين حولا وميس الجبل يشكل خرقاً للقرار الدولي 1701 خصوصاً إذا تبين أنها زرعته بعد حرب تموز. وعلى صعيد الوضع الميداني في الجنوب، أفاد بيان للجيش اللبناني (مديرية التوجيه) بأن وحداته المتمركزة في المنطقة الحدودية تصدَّت بعد ظهر أمس لطائرة استطلاع اسرائيلية من دون طيار وأطلقت باتجاهها نيران مضادتها الأرضية أثناء تحليقها فوق بلدتي حولا وميس الجبل ووادي السلوقي، فيما كانت جرافات تابعة للجيش اللبناني تعمل في المنطقة التي زرع فيها جهاز التنصت والإرسال من دون تحديد طبيعة عملها مع ان مصادر أمنية اعتبرت ان الهدف من استقدام الجرافات القيام بمسح ميداني للمنطقة للتأكد من عدم وجود ألغام أو أجهزة مماثلة يمكن أن تعيق عمل لجنة التحقيق المشتركة على الأرض. يذكر أن وجود لجنة التحقيق المشتركة على الأرض تزامن مع قيام جرافة اسرائيلية برفع ساتر ترابي على بعد 50 متراً من السياج الحدودي قبالة بلدة العباسية اللبنانية في ظل حراسة عسكرية مشددة ليكون واقياً للآليات العسكرية أو مخبأ لها في داخل الأراضي الإسرائيلية المحاذية للحدود الدولية مع لبنان. إضافة الى تكثيف الجيش الإسرائيلي لدورياته المؤللة على طول الشريط الشائك ما بين مستعرة المطلة قبالة بلدة كفركلا الحدودية ومزارع شبعا المحتلة شرقاً مروراً بقرية الغجر وموقع الضهيرة ومستعمرة دان.