توّقع رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري قرب اعلان تشكيل الحكومة برئاسة سعد الحريري، قائلاً: «أخال صوت مؤذن الحكومة الأخ سعد الحريري سيفك صيامي قريباً كما لمست، وتصريحه بعد لقائه رئيس الجمهورية (ميشال سليمان أمس) خير دليل». واكتفى بري في كلمة ألقاها خلال رعايته افتتاح «مكتبة الشيخ بهاء الدين العاملي العامة» على طريق المطار، بهذه الفقرة التزاماً بإعلانه الصيام عن الكلام في الشأن الحكومي إلى حين إعلان تأليف الحكومة. لكن ذلك لم يحل دون توجيهه ملاحظات الى النظام اللبناني، داعياً إلى «تجاوز أزمة النظام في لبنان بتجاوز طائفية النظام لئلا نقع كل مرة في أزمة ثقة، نؤجل انجاز الاستحقاقات من الانتخابات الرئاسية الى تشكيل الحكومات»، داعياً الى «تحمل مسؤوليتنا للحفاظ على لبنان وفي طليعته الجنوب». وقال: «من لا يحمي حدوده لا يحفظ عاصمته ابداً وبالتالي الحفاظ على المقاومة وعلى جيشنا الوطني ودعمه بكل الوسائل التي تمكننا من الحفاظ عليه وعلى لبنان». واستهل بري كلمته بالحديث عن الشيخ العاملي وكتبه لينطلق منها الى الإشارة الى «الوحدة الاسلامية في مواجهة حرب السيطرة الاستعمارية التي تستهدف مواردنا البشرية والطبيعية والتي تستهدف الاسلام تحت ستار مكافحة الارهاب وتسعى عبر وسائل الفوضى البناءة والتوترات الى محاولات ايقاع فتنة مذهبية سنية - شيعية، وعلى الإيقاع نفسه خلق عصبيات عرقية ومحاولة تحويل ايران الى التنافس الرئيسي مع العروبة ومحاولة استبدال الصراع العربي الاسرائيلي بصراع عربي - ايراني أي اسلامي - اسلامي». واعتبر أن «الرد المطلوب على محاولات التفتيت والفتنة هو بكل بساطة الوحدة، وبناء الوحدة هو مسؤولية القيادات السياسية والمرجعية الدينية المدعوة فوراً الى تشكيل مجمع لعلماء الدين انطلاقاً من المملكة العربية السعودية وايران من أجل تسوية الخلافات المذهبية وإنهاء التوترات ومنع استغلالها في بعض الأقطار العربية والاسلامية». ودعا بري إلى «تقريب المذاهب»، معتبراً أن «الخطر من انعكاس الاحكام على وحدة المسلمين امر يستدعي تقريب المذاهب». وقال: «ظروف المسلمين ومحنتهم الناتجة من اسرائيل تفرض على الفقيه التفكير في ما يتفق عليه المسلمون لا في ما يختلفون عليه». ودعا الى «حوار عربي - ايراني مفتوح حول القضايا الثنائية المؤتلف او المختلف عليها وسبل ادارة الاتفاق او الاختلاف وسبل ضمان مصالح كل الأطراف». وأضاف بري: «في هذا السياق نرى أن قمة دمشق الأخيرة، اضافة الى انها تؤسس لبناء الثقة في العلاقات العربية - العربية، تؤسس كذلك الى زيادة عناصر التفاهم بين النظام العربي والدول الاسلامية الكبرى وفي طليعتها تركيا وايران»، مؤكداً أن «من كانت اسرائيل عدوه فهو عدو كاف. كفى سياسة اسلامية عربية لا انسجام في ما بين مواضيعها». وأشار الى المخاطر التي تتعرض لها القدس والمسجد الأقصى، معتبراً أن «التهويد الاسرائيلي للقدس يكاد يستكمل آخر فصوله»، ومؤكداً أن «مواجهة ذلك ينطلق من استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية لأنها السلاح الأمضى وهي تمثل سلاح المقاومة الضروري الاساسي لتحقيق اماني الشعب الفلسطيني». واعتبر أن «استمرار المشهد الفلسطيني المنقسم على نفسه سيؤدي إلى ضياع القدس وكذلك الى تحويل غزة الى مخيم كبير للاجئين». وشدد على أن «المواجهة تستدعي انتفاضة فلسطينية جديدة، واعتبار الوقائع الفلسطينية أولوية على جدول أعمال النظامين العربي والاسلامي ووضع خطة تحرك تتجاوز التبرع والتظاهر والتصريحات الى تنظيم الغضب الرسمي والشعبي عبر قنوات وردود مجدية منها العودة الى احكام مكتب مقاطعة اسرائيل والاعتراف اولاً واخيراً بأهمية المقاومة ودعمها وتعميمها». وأشار الى ان «عدم اتخاذ موقف اميركي حازم لوقف كل عمليات الاستيطان رغم الوعود المتعددة وتحرير آلاف المعتقلين، فإن الحركة المكوكية للمبعوث الأميركي جورج ميتشل ستكون خدمة عكسية وغطاء لزيادة الاستيطان والعدوان على الشعب الفلسطيني مع الاشارة الى ان الجولة الاخيرة لميتشل انتهت الى الفشل الذريع». ونوه بري بالموقف التركي بإلغاء مشاركة تل ابيب في مناورة «نسر الاناضول» والغاء البوابات الحدودية وإزالة الحواجز بين سورية وتركيا، مشيراً الى مناورات أميركية - اسرائيلية هي «الأكبر للدفاع الجوي ضد ايران». كما أشار إلى «اصرار اسرائيلي مستمر للعدوان لهذه المنطقة»، مجدداً «تأكيد حق اللبنانيين والفلسطينيين بالمقاومة لتحرير الارض وتثبيت حق العودة ورفض التوطين لأن التنازل عن مشروع المقاومة وسلاحها هو الوجه الآخر للتوطين». وتطرق الى «تقرير غولدستون»، معتبراً ان «استمرار التعامل مع اسرائيل كاستثناء هو السبب الوحيد لتماديها وارتكاب جرائم حرب»، سائلاً: «لماذا لم يحل الملف الى مجلس الأمن بدلاً من الجمعية العامة؟». وأشار بري في كلمته الى العراق واليمن والصومال والسودان وافغانستان وباكستان، داعياً الاطراف فيها الى «تقديم التنازلات من أجل وحدة أقطارها لأن تقديم التنازلات في اطار الوحدة والحوار أقل كلفة من استمرار التوترات والعنف»، مؤكداً أن «القوة لن تحسم شيئاً بل الاعتراف بالآخر هو الامر الذي يؤسس لتعايش داخلي على قاعدة المشاركة». سلام وكان وزير الثقافة تمام سلام ألقى كلمة رأى فيها أن «النفاق أصبح مستشرياً في السياسة والمجتمع، ونلمس كم يضيع الوقت في النقاش والجدل العقيم»، معتبراً أن «الحقيقة تضيع في البحث عن النيات في العبارات المموهة وتلك التي تحتاج الى ملاحق تفسيرية». وأضاف: «مرت 4 شهور على التأرجح في مسألة قيام حكومة وحدة وطنية يريدها الكل ويعولون عليها، لكننا لا نزال نبحث عن المستعدين لبذل التضحية من أجل تسهيل الولادة الصعبة». وأشار الى «مخاوف من أن يكون في عملية التأخير والمساومات ما يدفع الى اليأس من قيام الوطن خصوصاً أن خاصرة لبنان مفتوحة على مخاطر أمنية لا تمنعها الا قيادة سياسية ذات ارادة عيش واحد وذات قرار وطني واحد بمنع البلاد من العودة الى التفكك والضياع».