إتجهت الأزمة السياسية في روسيا نحو التسوية بعد مشاورات وتدخل من الكرملين. وعلى رغم تمسك الأحزاب المعارضة التي قاطعت جلسات البرلمان بمطالبها، فإن مصادر نيابية تحدثت عن عودة النواب قريباً، إلى مقاعدهم.«خمدت الشعلة حتى قبل أن تتوهج تماماً» هكذا عنونت واحدة من كبريات الصحف في روسيا مقالها الرئيسي أمس، مشيرة إلى اجهاض الأزمة في مهدها تقريباً. وكانت أحزاب المعارضة الثلاثة الممثلة في مجلس الدوما (البرلمان) الروسي انسحبت قبل يومين من جلسات البرلمان احتجاجاً على «تزوير» انتخابات المجالس المحلية من جانب حزب «روسيا الموحدة» الحاكم الذي اكتسح كل الدوائر الانتخابية في الأقاليم الروسية في انتخابات جرت الأحد الماضي. وكانت الأحزاب المنسحبة: «الشيوعي» و «الليبيرالي الديموقراطي» و «روسيا العادلة»، أعلنت لائحة مطالب من بينها الاجتماع مع الرئيس ديمتري ميدفيديف في أسرع وقت لتسليمه «إثباتات على وقوع انتهاكات كبرى». وراوحت بقية المطالب بين تنحية رئيس لجنة الانتخابات المركزية وفتح تحقيق مستقل في الانتهاكات إلى اعتبار الانتخابات لاغية في عدد كبير من الأقاليم. ومنذ بداية الأزمة السياسية شككت أحزاب المعارضة اليمينية التي لا تحظى بتمثيل في الهيئة الاشتراعية بجدية التحرك. وأشار ممثلون عن حزبي «يابلوكا» و «قوى اليمين» إلى أن «المعارضة المدجنة» سوف تتراجع سريعاً عن مواقفها، في إشارة إلى الأحزاب الثلاثة «المعتدلة» في معارضتها لسياسات الكرملين. اللافت أن الكرملين الذي أعلن منذ البداية أن «برنامج الرئيس مزدحم جداً ولا يمكنه استقبال زعماء المعارضة قبل عشرة أيام»، تدخل لإنهاء الأزمة بطريقة أخرى، إذ أجرى ميدفيديف محادثات هاتفية مع زعماء الكتل النيابية الثلاث، أعلن بعدها مباشرة عن لقاء جمع المعارضين مع سكرتير حزب «روسيا الموحدة» بوريس غريزلوف انتهى بإعلان عدد من النواب أن «لم تعد هناك عراقيل تمنع استئناف النشاط النيابي بحضور كل الأعضاء». وأعلن الحزبان «الليبيرالي الديموقراطي» و «روسيا العادلة» مباشرة بعد اللقاء، أن نوابهما سيعودون إلى مقاعدهم النيابية في غضون أيام، في حين ماطل «الشيوعي» في إعلان موقفه. يذكر أنها المرة الأولى منذ عام 2000 التي تشهد فيها روسيا تحركاً احتجاجياً في الهيئة الاشتراعية، إذ لم تقع أية «مواجهات» من هذا النوع خلال سنوات حكم الرئيس السابق فلاديمير بوتين الثماني، وهو ما دفع وسائل إعلام روسية معارضة إلى الخروج أمس، بعناوين لافتة على صفحاتها الأولى، إذ وصفت صحيفة المال والأعمال «فيدوموستي» ما حدث في البرلمان بأنه «خمس ساعات من الحياة البرلمانية الحقيقية».