الاستجمام في ولاية هاواي ومزاولة رياضة الغولف ضرورة نفسية للرئيس الأميركي باراك أوباما، كما قال أحد مساعديه لاسترداد طاقته قبل العودة إلى واشنطن اليوم. هذه الطاقة سيستنفدها سريعاً في اصطدامه الثلثاء بواقع مختلف داخل الكونغرس الجديد ذي الأكثرية الجمهورية، ومواجهات مرتقبة حول الاقتصاد والسياسة الخارجية. الجمهوريون كشّروا عن أنيابهم ولوّحوا بعرض عضلاتهم أمام البيت الأبيض في مبارزة تشريعية ستطبع السياسة الأميركية خلال العام. فأكثرية اليمين هي الأكبر منذ 84 عاماً باستيلائه على 237 من أصل 435 مقعداً في مجلس النواب و54 من أصل 100 مقعد في مجلس الشيوخ. كما تعدّ هذه الأرقام انتكاسة لأوباما منذ وصوله إلى البيت الأبيض عام 2008، وحيث استفاد من سيطرة حزبه لثماني سنوات على مجلس الشيوخ وحافظ على هامش أكبر في مجلس النواب. والمبارزة بين البيت الأبيض والكونغرس ستبدأ مع عودة الكونغرس الثلثاء، وستكون أولى مراحلها حول التعيينات والموازنة السنوية. إذ يتوقع أن يتخلل جلسات الاستماع حول تعيين آشتون كارتر وزيراً للدفاع مداخلات ساخنة عن إستراتيجية أوباما في الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، وإمكان استخدام قوات برية وهو ما يعارضه نواب في أقصى اليمين «الليبراتاري» وأقصى اليسار «الليبيرالي». كما سيكون السجال حول الموازنة السنوية وتطلّع الكونغرس الجمهوري إلى اقتناص فرصة نادرة للحدّ من نسب الإنفاق الحكومي، وإعادة التصويت لرفض خطة الضمان الصحي التي مررها الرئيس الأميركي عام 2010 وتعتبر أحد أكبر إنجازاته الداخلية. وسيضطر أوباما إلى إعادة تجربة نظيره السابق فرانكلين روزفلت واستخدام حق الفيتو لنقض قرارات الكونغرس وإنقاذ مشروع الضمان الصحي والتمويل الدفاعي للحكومة. علماً أنه لم يستخدم حق النقض خلال السنوات الست الماضية إلا مرتين، كونه لم يصطدم ب «حائط تشريعي» مماثل. وفي السياسة الخارجية ستكون المواجهة ضارية حول رفع الحصار عن كوبا وهو ما يعارضه الجمهوريون، إنما قد يفشلون في جمع 60 صوتاً في مجلس الشيوخ لعرقلته. كما يلوّح الكونغرس الجديد بفرض عقوبات جديدة على إيران على رغم اعتراض البيت الأبيض. وفي هذا السياق، يجرى تشكيل تحالف من نواب ديموقراطيين وجمهوريين يؤيدون العقوبات على طهران، ويعرفون بتشددهم في السياسة الخارجية. وقد تكبّل هكذا تشريعات يدي أوباما في المفاوضات حول الملف النووي، وتجبره على استخدام فيتو آخر لمنع تنفيذها. كما يتوقع أن يتواجه أوباما والكونغرس في ملف إغلاق معتقل غوانتانامو، واستعجاله في بت مصير المعتقلين ال132 الباقين هناك واحتمال نقل بعضهم إلى سجون أميركية، في حين يخشى الكونغرس من تداعيات أمنية جراء ذلك ويتخوف من عودة هؤلاء للانضمام إلى منظمات تعتبرها واشنطن إرهابية. وينحصر إمكان التعاون بين الطرفين بأرضية مشتركة حول اتفاقات التجارة الحرة التي يؤيدانها، وفرص التوصل إلى اتفاق حول قانون الهجرة. غير أن اقتراب موعد الحملات الرئاسية في الصيف المقبل يجعل من أي تحرك واتفاق عبئاً سياسياً على نواب الحزبين، باعتبار أن مجلس الشيوخ يغص بنواب جمهوريين قد يترشحون لمنصب الرئاسة أمثال راند بول وتيد كروز وماركو روبيو. كما لا تساعد الانقسامات بين الخطين الجمهوريين المعتدل والمتشدد في إنجازات كثيرة مع البيت الأبيض، وبالتالي زيادة مبارزات شدّ الحبال على جادة بنسلفانيا بين المكتب البيضاوي ومبنى الكابيتول.