في وقت أُعلن أمس ارجاء المفاوضات بين الحكومة السودانية وجماعات التمرد في دارفور الى الشهر المقبل، حدد رئيس الوزراء السوداني السابق زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي خطوات للخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد وإلا فإنها ستنتظر «الطوفان»، كما قال. وحمّل ضمناً حزب المؤتمر الوطني الحاكم مسؤولية ما يحدث من مشاكل بسبب انفراده بالحكم، ثم المشاكسة مع شريكته في السلطة «الحركة الشعبية لتحرير السودان». وقال المهدي في مؤتمر صحافي أمس إن البلاد تواجه نذر حرب ومجاعة وتدخل دولي، بعدما اخفقت «الإدارة الآحادية» للشأن الوطني، وكذلك أخفقت «الإدارة الثنائية» بين حزب المؤتمر الوطني و «الحركة الشعبية لتحرير السودان». ورأى أن المخرج من مشكلات البلاد يتطلب تسوية خمسة ملفات تشمل تطوير اتفاق السلام وحل أزمة دارفور بما يستجيب مطالب الإقليم المشروعة، وكفالة الحريات العامة، والإصلاح القومي للاقتصاد، وإجراء انتخابات عامة حرة ونزيهة، وعقد ملتقى جامع لاعتماد أجندة وطنية والاتفاق على آلية تحققها. واعتبر المهدي هذه الخطوات معالم طريق إلى وحدة وطنية من أجل «التصدي لأزمات البلاد بفاعلية وإطفاء حريق دارفور، وإجراء الانتخابات العامة النزيهة، وإجراء تقرير مصير الجنوب ... وإلا فإن الأزمات ستودي بالبلاد ويتسع الخرق على الراتق». وأضاف أن مؤتمر «ملتقى جوبا» للقوى السياسية الذي عقد أخيراً كان فرصة للدخول إلى الوفاق الوطني من البوابة الجنوبية، وانتقد مقاطعيه - في إشارة إلى الحزب الحاكم - ورأى ان مبرراتهم للمقاطعة كانت غير موضوعية. وأوضح أن مشروع جوبا سيمضي نحو تحقيق أعلى درجة من التوافق الوطني للتصدي لأزمات البلاد، وستستمر الجهود كي تُعلن فصائل دارفور تأييدها لإعلان مبادئ يخاطب مطالب الإقليم المشروعة ويناقش عبر آلية دارفورية جامعة لكل المكونات السياسية والمدنية والمسلحة والقبلية. وينتظر أن يكون قادة 23 حزباً معظمها من المعارضة اتفقوا مساء أمس في الخرطوم على وثيقة «إعلان جوبا» الذي استضافته «الحركة الشعبية» نهاية الشهر الماضي في عاصمة الجنوب، ومن أبرز الموقعين الصادق المهدي، والأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي وزعيم الحزب الشيوعي محمد ابراهيم نقد، فيما تغيب رئيس «الحركة الشعبية» سلفاكير ميارديت لسفره إلى خارج السودان. وأمهلت هذه القوى الحزب الحاكم حتى نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل لتعديل القوانين المتصلة بالحريات والتحول الديموقراطي وإلا فإنها ستقاطع الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة العام المقبل. الى ذلك انتقد حزب المؤتمر الوطني تهديد شركائه في «الحركة الشعبية» الذين أمْهلوا البرلمان أسبوعاً للاتفاق على جدول لإجازة القوانين المتبقية وهدّدوا بالانسحاب من البرلمان، واعتبر ذلك مُحاولةً لقطع الطريق على إقرار القوانين المؤدية إلى التحول الديموقراطي وإجراء الانتخابات في موعدها. وقلّل من التهديد، قائلاً إنّ البرلمان لن يتعطّل بانسحاب «الحركة الشعبية». من جهة أخرى، يثور جدل في الخرطوم بعدما حذفت السلطات السودانية من جواز السفر الجديد الالكتروني عبارة تحظر السفر إلى اسرائيل كانت موجودة في الجواز القديم الذي يعمل إلى جانب الجديد حتى العام المقبل. ويتعين على السودان، كونه عضواً في المنظمة الدولية للطيران المدني (إكاو)، أن يصدر جوازاً يُقرأ الكترونياً بحلول نيسان (ابريل) 2010. وتحتوي النسخة القديمة من الجواز السوداني عبارة تقول «مسموح له بزيارة كل الأقطار عدا اسرائيل»، وكانت نسخة سابقة من الجواز السوداني تحظر السفر إلى جنوب افريقيا أيضاً لكنها أُزيلت بعد نهاية نظام الفصل العنصري. وقال مساعد مدير الشرطة السودانية لشؤون الجوازات اللواء آدم دليل إن إزالة عبارة الحظر من الجواز الجديد هي «قرار اجرائي» بسبب حجم الختم الذي يحمل تلك العبارة مقارنة بحجم الجواز الجديد. وقلل من أهمية حذف عبارة المنع، مشيراً إلى أنه لا يمكن السفر بالجواز الجديد إلى أي دولة ما لم تكن هناك تأشيرة خروج. وأضاف دليل أن «هذه العبارة لم تكن من صميم الجواز القديم، لكنها عبارة عن ختم موضوع عليه، والأمر في النهاية اجرائي، لا أبعاد سياسية له». وقال (رويترز) ناطق باسم الأممالمتحدة أمس إن مسلحين مجهولين هاجموا موقعاً لقوات حفظ السلام في دارفور ما أسفر عن اصابة جندي. وفي الدوحة، أعلنت الوساطة القطرية - الأفريقية - الدولية بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة في دارفور في ختام اجتماع دولي أمس استمر ثلاثة أيام ارجاء موعد بدء جولة مفاوضات السلام في الدوحة إلى 16 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل بدل يوم 28 تشرين الأول (اكتوبر) الجاري. وعزت الوساطة ذلك إلى عقد اجتماع مجلس السلم والأمن الافريقي على مستوى القمة في أبوجا يوم 29 تشرين الأول حيث سيناقش من بين موضوعاته عملية السلام في دارفور وكذلك الدعوة الموجهة إلى الوسيط المشترك للاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة جبريل باسولي للمشاركة في هذا الاجتماع. ودعت الوساطة كل الأطراف المعنية، وبخاصة أطراف النزاع وقطاعات المجتمع الدارفوري، إلى اغتنام فرصة عملية السلام في الدوحة للوصول إلى توافق لمعالجة أسباب النزاع والوصول إلى اتفاق نهائي وشامل يحقق المصالحة والتنمية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي في دارفور. ورحّبت الوساطة بمساهمات الخبراء المشاركين في اجتماع الدوحة والتوصيات التي صدرت عنها والتي اعتمدت بصورة أساسية على الأوضاع ميدانياً. ويذكر أن خبراء من الأممالمتحدة والاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الأوروبي وممثلين للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن والدول الأعضاء في «فريق الاتصال حول دارفور» شاركوا في الاجتماع الذي ترأسه وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية أحمد بن عبدالله آل محمود والوسيط الدولي الافريقي المشترك جبريل باسولي. في غضون ذلك، بحث وزير الداخلية السوداني إبراهيم محمود ووزير الدولة القطري للشؤون الداخلية الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني «أوجه التعاون بين البلدين في الموضوعات ذات الاهتمام المشترك والسبل الكفيلة بدعمها وتطويرها». ونوه الوزير السوداني بالعلاقات مع قطر وقال لدى مخاطبته الجالية السودانية مساء أول من أمس في السفارة السودانية: «إننا نوجّه التحية لقطر أميراً وشعباً على وقفتهم المشهودة مع السودان». وأعرب عن أمله بأن «يوفقهم الله (القطريين) على جلب الأمن والاستقرار للسودان» في جولة المفاوضات المقبلة. ووصف الأوضاع الأمنية في دارفور بأنها «مستقرة»، مؤكداً أن «لا حرب في دارفور الآن» وذلك بشهادة مسؤولين في الأممالمتحدة وقوات مشتركة دولية - افريقية. وأضاف أن «لا حال طوارئ في دارفور حالياً بل حال عادية». وجدد التزام الحكومة السودانية اتفاق السلام الشامل مع «الحركة الشعبية لتحرير السودان». وقال: «نحن ملتزمون اتفاق السلام والشراكة مع الحركة الشعبية، كما أننا ملتزمون الوفاق والتعاون مع كل الأحزاب» السودانية.