فشلت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في إقناع نظيرها الروسي سيرغي لافروف بتشديد العقوبات على إيران. واشار الطرفان إلى «توافق في المواقف» حول ضرورة تقديم الجهود الديبلوماسية لتسوية الملف، وأقرّت كلينتون بأن «الوقت قد يكون مبكراً لتشديد العقوبات». في المقابل، أشار لافروف إلى «تقدم مهم» تحقق في ملفات أساسية، بينها مسألة نزع السلاح النووي واحتمالات التعاون في مجال خطط الدفاع الصاروخي في أوروبا. ولم تخفف الأجواء «الودية» التي طغت على محادثات الجانبين في موسكو أمس، «صعوبة» المناقشات، خصوصاً أن غالبية الملفات المطروحة للبحث «محور خلافات ويحتاج بعضها الى توضيحات كثيرة»، كما قال ل «الحياة» مصدر ديبلوماسي روسي، في إشارة إلى الملف النووي الإيراني والخطط الأميركية الجديدة المتعلقة بنشر الدرع الصاروخية ومسألة تجديد معاهدة الحد من الأسلحة الإستراتيجية الهجومية (ستارت 2). وكانت موسكو أشارت قبل زيارة كلينتون إلى أنها تتطلع إلى سماع المواقف من هذه الملفات، مباشرة من الوزيرة الأميركية. اللافت أن موضوع تشديد العقوبات على إيران الذي كان محور تكهنات واسعة قبل الزيارة وإشارة مصادر أميركية إلى أن واشنطن تسعى إلى إقناع الروس بتغيير موقفهم منه، بدا أول الملفات التي فشل الطرفان في تقريب موقفيهما في شأنها، إذ ظهر التباين بوضوح خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده الوزيران في ختام اجتماعهما. وقال لافروف إن روسيا تعارض فرض أي عقوبات خارج إطار الأممالمتحدة. وأضاف أن بلاده «تتحفظ مبدئياً على العقوبات»، معتبراً أن هذا الإجراء «نادراً ما يعطي النتيجة المرجوة منه». وأشار الوزير الى إمكان اللجوء الى العقوبات في حال نفاد كل الخيارات الأخرى، وزاد: «في ما يتعلق بإيران فإن الوسائل السياسية والديبلوماسية لم تستنفد». في الوقت ذاته، نوَّه لافروف ب «التوافق» الروسي - الأميركي على أهمية اعتماد إيران الشفافية في برنامجها النووي، مؤكداً أن أياً من البلدين لم يطلب من الآخر أي شيء في شأن إيران. في المقابل، اعتبرت كلينتون أن فرض مزيد من العقوبات على إيران قد يكون أمراً «لا يمكن تجنبه»، في حال فشل الجولة الحالية من مفاوضاتها مع الدول الكبرى (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا). وشددت الوزيرة على أن الشأن الإيراني لا يزال «قضية مقلقة»، وقالت: «نعتقد أن من حق إيران الحصول على طاقة سلمية، لا أسلحة نووية، وروسيا توافقنا على ذلك». وأشارت إلى أن موسكو «كانت متعاونة جداً في هذا الملف، لكن الوقت لم يحن لفرض مزيد من العقوبات على إيران». وبخلاف تباعد المواقف من الملف الإيراني، قال لافروف إن الجانبين «حققا تقدماً مهماً في ما يتعلق باتفاق جديد لخفض الأسلحة النووية». كما أشار إلى تقارب المواقف من احتمالات التعاون في مجال الدفاع الصاروخي. ولفت إلى أن الإعلان الأميركي الخاص بالتخلي عن مشروع الدرع الصاروخية بدد المخاوف الروسية، مشدداً على حاجة الطرفين إلى مزيد من التشاور في هذا الشأن. وقالت كلينتون: «شرحنا للوزير والمسؤولين الآخرين في اللقاء أسس تقويمنا للأخطار، وعرضنا الرؤية الجديدة على زملائنا الروس، ويوضح خبراؤنا التفاصيل، ونود مشاهدة روسياوالولاياتالمتحدة تتعاونان في شكل وثيق في قضية الدرع الصاروخية». وأبدت رغبة واشنطن في تحويل هذه الدرع الى منشأة مشتركة لمواجهة «التهديدات التي تواجه البلدين». وفي الملفات الأخرى، أشارت كلينتون إلى قضية خلاف هي جورجيا، وقالت إن الموقفين الأميركي والروسي من المسألة الجورجية ما زالا متباعدين، مشيرة إلى أن الولاياتالمتحدة لا تنوي الاعتراف باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية. الى ذلك، دعا لافروف الإدارة الأميركية إلى إشراك روسيا في المناقشات المتعلقة بالملف الأفغاني، وقال إن حلف شمال الأطلسي ينظم لقاءات دورية مع كابول وعواصم آسيا الوسطى حول «تطبيع الوضع» في هذا البلد. وزاد: «طرحنا مراراً السؤال: لماذا لا يتم إشراكنا في هذا النقاش، خصوصاً أن روسيا تلعب أحد الأدوار الأساسية في قضية الترانزيت»، في إشارة الى نقل المعدات والإمدادات للتحالف عبر أراضيها.