تصاعدت الخلافات بين شريكي الحكم السوداني حزب المؤتمر الوطني و «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي هددت بمقاطعة البرلمان ولوَّحت بفصل جنوب البلاد عن شمالها في حال تعطيل شريكها في السلطة قانوناً ينظّم الاستفتاء على تقرير مصير الإقليم الذي يتمتع بحكم ذاتي.وسَلّمت كتلة «الحركة الشعبية» في البرلمان رسالة إلى رئيس المجلس الوطني (البرلمان) أحمد ابراهيم الطاهر شملت مطالب عدة وأمهلته حتى الأحد المقبل لتحديد موعد لإقرار قوانين استفتاء تقرير مصير الجنوب واستفتاء منطقة أبيي والمشورة الشعبية لمنطقتي جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق وقانون الأمن الوطني والجنائي والإجراءات الجنائية والنقابات قبل نهاية الدورة الحالية في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وهددت بالانسحاب من دورة البرلمان اعتباراً من الاثنين المقبل حال عدم استجابة مطالبها. وقال رئيس كتلة «الحركة الشعبية» في البرلمان ياسر عرمان في مؤتمر صحافي شاركت فيه أحزاب جنوبية أخرى، إنها أقرت خطوات قبل مقاطعة البرلمان، وحمّل حزب المؤتمر الوطني مسؤولية ذلك، واعتبر «سيطرة شخص واحد على زمام الأمور في البرلمان» (في إشارة إلى الطاهر) «أمر خطأ». وانتقد الانتخابات الجارية للنقابات المهنية التي سيطر عليها حزب المؤتمر الوطني، وأكد انها استباق لقانون النقابات الذي ينتظر أن يعدل في البرلمان. وانتقد رئيس البرلمان وطريقة ادارته واتهمه بتحويل البرلمان الى ملحق من ملحقيات الجهاز التنفيذي والبصم على قراراته، واكد أن اجندة البرلمان اخذت طابع خدمة المصالح الحزبية الضيقة. واتهم رئيس البرلمان بالانخراط في الحملات الانتخابية ولعب دور سلبي في التمسك بالقوانين القديمة. واعربت «الحركة الشعبية» في رسالتها الى رئيس البرلمان عن قلقها إزاء مضي الوقت وضيقه مما يهدد بنسف الإطار الزمني لتنفيذ اتفاق السلام ويفتح الاحتمالات على مصراعيها. كما حذّر الأمين العام ل «الحركة الشعبية»، باقان أموم من اشتعال الحرب مرة أخرى بين الشمال والجنوب، وطالب في حملة حزبه الانتخابية، وسط حضور من قادة الأحزاب السياسية المعارضة، الجميع بالعمل من اجل وحدة السودان وعدم اليأس حتى قبل يوم واحد من إجراء الاستفتاء، وعدم النظر الى الانفصال كأنه كابوس، مؤكداً أنه حال حدوثه سيكون الجوار أخوياً، وسيكون المجتمعان الشمالي والجنوبي بمثابة تحالف عريض أكبر من الآن. وحذر من اندلاع الحرب مرة أخرى حال التباطؤ في اجازة قانون الاستفتاء، معتبراً ذلك خيانة لشعب الجنوب ونقضاً للمواثيق والعهود. لكن المسؤول السياسي في حزب المؤتمر الوطني مندور المهدي قال إن القوانين لا يقرّها حزبه وحده، بل هناك أجهزة مختصة تشارك «الحركة الشعبية» في تكوينها، مطالباً الحركة بالدخول في حوار ثنائي جاد وموضوعي من أجل القوانين والقضايا العالقة، واتهمها بالسعي الى فرض رأيها بلا موضوعية. وفي الدوحة، علمت «الحياة» أن ممثلي نحو عشرين دولة ومنظمة دولية معنية بتحقيق السلام في دارفور سيصدرون اليوم بياناً مقتضباً في ختام اجتماعات مغلقة تعقد في قطر حالياً للبحث في اقتراحات لدفع المفاوضات التي تقودها الدوحة بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة. وسيؤكد البيان الموقف الدولي الداعم لحل أزمة دارفور. وقال مصدر مشارك في الاجتماعات إن البيان سيدعو الأطراف السودانية المعنية بأزمة دارفور إلى المشاركة الواسعة في عملية السلام التي تقودها قطر وتحقيق تقدم في هذا الشأن. وتوقع المصدر أن تؤكد الدول المشاركة في الاجتماع تعهداتها بدعم سلام دارفور ودور قطر التي ترأس لجنة عربية - أفريقية كانت تشكّلت في اجتماع عربي في القاهرة في وقت سابق. وسيمهد الاجتماع الدولي لجولة مفاوضات بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة من المقرر أن تعقد في نهاية الشهر الجاري في الدوحة. وستنظم في الدوحة أيضاً ورشة عمل تشارك فيها منظمات المجتمع المدني في دارفور في 28 الجاري تمهيداً لاستئناف مفاوضات السلام. وفي مؤشر إلى الدعم الدولي للدور القطري، يشارك في «ورشة العمل الفنية المعنية بسلام دارفور» التي افتتحها وزير الدولة للشؤون الخارجية أحمد بن عبدالله آل محمود عدد من الدول الكبرى وفي صدارتها الولاياتالمتحدة. وفي إشارة إلى تعقيدات ملف دارفور، قال الوزير القطري أحمد بن عبدالله آل محمود لدى افتتاحه الاجتماع أول من أمس إن محادثات سلام دارفور التي تستضيفها الدوحة بالتنسيق مع جبريل باسولي الوسيط المشترك للاتحاد الافريقي والأمم المتحدة قطعت شوطاً مهماً استطاعت من خلاله أن تؤسس إطاراً لعملها وتثبت مبدأ الحوار والتسوية السياسية كحل أوحد لقضية دارفور. لكنه أكد أيضاً أن مسيرة السلام في دارفور تعترضها صعاب تعيث تحقيق تقدم المسائل الجوهرية للحل النهائي. أما الوسيط المشترك للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة جبريل باسولي فقال ل «الحياة»: «إننا نسعى من خلال الاجتماع إلى بلورة اقتراحات لتحقيق سلام نهائي في دارفور»، مشيراً إلى أن ورشة عمل لمنظمات المجتمع المدني الدارفورية ستشهدها الدوحة في 28 الجاري تمهيداً لجولة يؤمل أن تكون نهائية لتحقيق السلام. وسألته «الحياة» عن الوضع في دارفور، فأجاب بأنه «هادئ ولكن يوجد توتر، ويحتاج أي تحرك إلى الأمام إلى إنهاء العدائيات وتوقيع اتفاق سلام نهائي».