طرابلس - أ ف ب - رشّحت قيادات اجتماعية شعبية سيف الإسلام القذافي ليصبح «منسقاً عاماً» لها، وهو منصب يتمتع بصلاحيات الإشراف على البرلمان والحكومة، بعدما طالب والده الزعيم الليبي معمر القذافي بإيجاد منصب رسمي له. وجاء ترشيح سيف الإسلام لهذا الموقع الذي يعادل منصب رئيس للدولة في اجتماعات عقدتها القيادات الشعبية الاجتماعية في أنحاء ليبيا للوصول إلى صيغة تمكنه من الوصول إلى رأس مؤسسات الدولة. وشهد عدد من المدن الليبية اجتماعات لهذه القيادات بينما تواصل أخرى مناقشاتها. واقترحت هذه القيادات التي تتكون من وجهاء القبائل والمناطق الذين يُعدّون نظرياً أصحاب أعلى سلطة تنفيذية في ليبيا تسمية سيف الإسلام «منسقاً عاماً» لها. وعزت مطالبة القذافي بتولي نجله منصباً رسمياً إلى «استيائه من الفساد الذي تفشى في أجهزة الدولة وتخاذل القيادات الاجتماعية في الإمساك بزمام المبادرة وعدم القيام بواجبها». ويفترض أن يصادق مؤتمر الشعب العام (البرلمان) على تعيين سيف الإسلام في هذا المنصب. وكان العقيد القذافي طالب بإيجاد منصب رسمي لنجله سيف الإسلام حتى يتمكن من تنفيد برنامجة الاصلاحي الذي يدافع عنه منذ 2007. لكن خططه التي تتضمن تمرير مشروع دستور وإطلاق خطة تنموية اقتصادية بقيمة سبعين بليون دولار وتحرير الصحافة من سيطرة الدولة وقيام مؤسسات مجتمع مدني قوي، تصطدم بمعارضة الحرس القديم مما حمله على اعلان انسحابه من الحياة السياسية في آب (اغسطس) 2008. ورأى مهتمون بالشأن الليبي في قرار القيادات الشعبية الاجتماعية خطوة تمهد له لخلافة والده بعدما أصبح إحدى أكثر الشخصيات تميّزاً في الحياة الليبية العامة. لكن إبراهيم أبو خزام عضو حركة اللجان الثورية وهي معقل للحرس القديم الذي ينظر بعين من الريبة إلى الاصلاحات التي ينوي سيف الإسلام القيام بها، استبعد أن يكون حصوله على منصب رسمي خطوة على طريق خلافة والده. وقال هذا الاستاذ الجامعي ان «القيادة لا تورث. القائد ليست لديه وظيفة محددة ورسمية، فهو يؤدي دوره ويختفي». ولا يشغل سيف الإسلام القذافي (37 عاماً) أي منصب رسمي، لكنه قام بأكثر من وساطة بين ليبيا والغرب أبرزها دوره في قضية الفريق الطبي البلغاري الذي اتهم بنقل الفيروس المسبب لمرض الأيدز إلى أطفال ليبيين. كما تدخل مراراً في مفاوضات دولية عبر مؤسسة القذافي الخيرية التي يرأسها. من جهته، يرفض العقيد معمر القذافي صفة الرئيس ويؤكد انه لا يحكم بل يقود الثورة في ليبيا وعلى الرغم من موقف اللجان الشعبية من إصلاحات سيف الإسلام، قلل أبو خزام من إمكان حصول مواجهة بينها وبين نجل الزعيم الليبي في حال توليه منصباً. وقال: «لا اعتقد انه سيصطدم بحركة اللجان الثورية، لكنه محتاج إلى حوار معها لتطوير الحركة ويستطيع ذلك». وأضاف أن اللجان «مستعدة للحوار ومن مصلحته ومصلحتها أن يتم الحوار لأن الحركة ما زالت ضرورة في هذا المجتمع». وقال ديبلوماسي غربي رفض كشف اسمه إن صعود سيف الاسلام إلى قمة هرم الدولة «خطوة متوقعة لكن طريقة اتخاذها هي التي كانت مفاجئة». وأكد انه ينظر اليها «بتفاؤل من الناحية الاقتصادية لأنها ستعطي استقراراً للشركات الأجنبية الموجودة في ليبيا والراغبة في الاستثمار، مما يسهل العملية الاقتصادية فيها». من جهته، رأى شكري غانم، رئيس الوزراء السابق والقريب من سيف الإسلام، أن «تنصيب سيف سيكون له تأتير كبير في الاقتصاد في البلاد لأنه يؤيد دعم الجهد الفردي وأن تكون الدولة الحكم والجهة المنظمة وتبتعد عن دور الدولة الراعية». وأضاف أن «البلاد في الأساس تحتاج إلى ترتيب البيت الداخلي ليشكل قاعدة قوية للنمو الاقتصادي والاستفادة من امكاناتها الطبيعة مثل النفط». واعترف غانم بأن «العملية لن تكون بسيطة ومفروشة بالورود»، متوقعاً «مواجهة» بين سيف الاسلام «وأصحاب المصالح والراغبين في السلطة». من جهته، قال فايز السويري، رئيس تحرير صحيفة «ليبيا اليوم» الالكترونية إن «الوضع الراهن في ليبيا هو عبارة عن حكومة من دون صلاحيات». وأضاف: «للخروج السلس من هذه الأزمة من دون المساس باستقرار البلد لا بأس بأن يكون لسيف الإسلام منصب تنفيذي يخرج به البلاد من أزمتها الراهنة». أما صلاح الشلوي القيادي السابق في «الإخوان المسلمين»، فقال في مقالة لصحيفة «المنارة» الالكترونية إن الليبيين سيجدون انفسهم «أمام ظاهرة جديدة غير مسبوقة تتمثل في وجود قيادتين من الضروري أن تتعايشا معاً من خلال معادلة واضحة للتوازن السياسي بما يكفل فعلاً للقيادة الجديدة دوراً وظيفياً مبرراً ويمكنها من القيام بالمهمات التي تراد لها».