أكد اقتصاديان أن الموازنة السعودية للعام 2015 حملت في طياتها رسائل عدة، وصفاها بشهادة تعافي من «أزمة» النفط العالمية، مشيرين إلى أن المملكة مستمرة في سياسة الإنفاق الحكومي على رغم كل الظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم، مشددين على ضرورة أن تبدأ المملكة في خطوات عملية لتنويع اقتصادها. وأوضح الخبير الاقتصادي الدكتور إحسان بوحليقة ل«الحياة» أن الموازنة كانت مطمئنة خصوصاً بعد تصريحات وزير المالية الأسبوع الماضي التي كانت مطمئنة، وأن مستوى الصرف سيكون مثل ما هو على رغم أسعار النفط المنخفضة، مشيراً إلى أن المملكة مستمرة في الإنفاق الحكومي، من خلال برنامج تنموي ملتزمة بتنفيذه، والذي يتطلب الصرف على الكثير من المشاريع التنموية. وأكد أن التقديرات لعام 2015 إيجابية ولا تدعو للقلق، وأن هناك احتمال أن يرتفع سعر النفط إلى 80 دولاراً، ما يسهم بشكل كبير في استقرار أسعار النفط العالمية وانتعاش الاقتصاد عموماً، الذي سيتضح خلال الربع الثاني من 2015، إذ من المتوقع أن يصل سعر النفط إلى 70 دولاراً. وأشار إلى أن العجز في الموازنة متوقع، ولذلك تم تفويض وزير المالية بالسحب من الاحتياط في حال الحاجة إليه، وعزا السبب في ذلك إلى عدم حاجة المملكة للاقتراض لسد الدين، موضحاً أن المملكة عازمة على خفض الدين عبر توافر اختيارات عدة لها، لافتاً إلى أن الدولة قد تلجأ للاحتياطات في حال انخفاض سعر النفط عن 50 دولاراً لتغطية العجز، واصفاً الموازنة ب«الجيدة». وأضاف أنه واضح من خلال إعلان الموازنة أن المملكة خيارها الاستراتيجي الأول التنمية على رغم أسعار النفط المنخفضة، مشيراًً إلى أن تحقيق التنمية المتوازنة وبناء سعة الاقتصاد ركيزتان لانتشال الخزانة العامة من اعتماد هيكلي على النفط، والذي اعتبره مصدراً «متذبذباً» على حد قوله، وهو ما يطرح سؤالاً مع إعلان كل موازنة، هل ابتعدنا عن النفط أم اقتربنا؟ وشدد على ضرورة تنوع الاقتصاد وعدم الاعتماد على النفط، من خلال زيادة سعة الاقتصاد، من طريق تهيئة البنى التحتية وبناء مدن صناعية واقتصادية، ما يسهم بشكل كبير في تنوع الاقتصاد. وكشف عن أن الإيرادات النفطية قدرت في حدود 600 بليون ريال للعام 2015، فيما بلغت غير النفطية 115 بليوناً، مبيناً أن العجز الفعلي في موازنة 2014 بلغ 54 بليون ريال، وأن المصروفات الفعلية بلغت 1.1 تريليون ريال، والإيرادات الفعلية 1.046 تريليون ريال عام 2014. بدوره، أكد أستاذ الإدارة الاستراتيجية وتنمية الموارد البشرية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور عبدالوهاب القحطاني أن الموازنة بنيت على سعر 62 دولاراً للبرميل، وأنه من المتوقع أن يصل السعر إلى 70 دولاراً خلال الفترة المقبلة، وهناك تفاؤل بأن يتحسن وضع النفط تفادياً لوجود فجوة بين الإيرادات والمصروفات مستقبلاً. وتوقع أن يكون العجز أقل من 145 بليون ريال، وأن ترتفع أسعار النفط مجدداً، وسيكون هناك نمو في الاقتصاد العالمي، معتبراً أن الإنفاق الحكومي مستمر على رغم الظروف الاقتصادية العالمية، موضحاً أن أرقام الموازنة عكست حجم ومتانة الاقتصاد السعودي، وتمكنه من اجتياز الأزمات. وشدد على أن سياسة المملكة المالية قائمة على الحذر والترقب، وأنها تستند إلى قوة الاقتصاد السعودي خلال الأعوام المقبلة، ما يجعلها بعيدة عن تقلبات أسعار النفط المستقبلية، التي شهدت انخفاضاً ملحوظاً خلال الشهرين الماضيين، وأشار إلى أن السياسة المالية تقوم على القراءة الجيدة للمدى القريب والمتوسط، ما أسهم بشكل كبير في جعلها غير قلقة في شأن الركود. وذكر أن المملكة بعثت رسائل عدة خلال إعلان موازنتها، التي تضمنت عدم قلقها في شأن هبوط أسعار النفط على رغم كل التوقعات والتحليلات الاقتصادية، إضافة إلى أن المملكة وجهت رسالة إلى العالم بأن لديها احتياطات أخرى تجعل موازنتها في منأى عن التأثيرات السلبية لسعر النفط.